سناء الخوريلا شيء يوحي أنّ مهرجاناً يُعدّ في هذا الزقاق البيروتي الهادئ. بيت قديم حوله حديقة، يشغل الطابق الأرضي في عمارة كلسيّة بيضاء، هو مركز جمعيّة «بيروت دي سي» على أبواب بيروت، في ضاحية فرن الشباك القريبة. متطوعون وعاملون يساعدون هانية مروّة (المديرة الإداريّة) وإليان الراهب (المديرة الفنيّة) وزينة صفير (مديرة العلاقات العامّة) على الاستعداد للساعة الصفر عند السابعة والنصف من مساء اليوم. الجميع منهمكون بالإعداد للتظاهرة التي تستمرّ حتّى 26 الحالي. مضى على تأسيس «بيروت دي سي» 11 عاماً. بين 1999 و2010، راكمت الجمعيّة تجارب مؤسساتية جديّة ومتينة: بادرت عام 2000 إلى إطلاق «أيام بيروت السينمائية»، أول مهرجان معني بـ«الفن السابع» المحلي والعربي، ونجحت في استقطاب سينمائيّين عرب من الصف الأول، ووثّقت أكثر من ألفي فيلم في «دليل السينما العربيّة»، وهو مكتبة سينمائية افتراضية صارت مرجعاً للباحثين... فهل تغيّرت أولويات «بيروت دي سي» بعد عقد على التأسيس؟ وهل نجح المؤسسون في تحقيق أهدافهم وأوّلها الدفاع عن سينما عربيّة مستقلّة، وترسيخ موقع الفيلم العربي في بيئته ومحيطه؟
«في البدايات، كنّا نخطط لمشاريع ضخمة كأننا وزارة ثقافة»، تبادرك إليان الراهب بنبرة ساخرة. «الآن أصبحنا نركّز على أهداف محدّدة أكثر». تظاهرة «أيام بيروت» صارت «نمط عيش» لهذا الثلاثي، تلفت زينة صفير. «المهرجان لا يغيب عن أذهان المجموعة طوال العامين الفاصلين بين كلّ دورة. نحمل هاجس البرمجة معنا إلى المهرجانات العالميّة من «كان» إلى «برلين»، ونفكر في مصادر التمويل»، تخبرنا هانية مروّة.

رحلة مع المصاعب، وأبرزها الموعد الدائم مع الرقابة اللبنانية!


أسلوب عمل أتاح لهواة السينما في لبنان لقاء مبدعين ومبدعات يصنعون سينما المؤلف العربيّة، من طراز يسري نصر الله، وعبد اللطيف قشيش، وغسان سلهب... كما سمح لهم أيضاً بالتعرّف إلى تجارب شابة كثيرة، نكتفي بالإشارة بينها إلى آن ماري جاسر (ملح هذا البحر)، وسيمون الهبر (سمعان بالضيعة).
الدورة السادسة تواصل رهانات السنوات السابقة. هكذا سنكون على موعد مع عرض أوّل لجديد غسان سلهب «الجبل»، ومع آخر أعمال الجزائري طارق تقية «قبلة»، من دون أن ننسى مواطنه مرزاق علواش، الذي سيحضر شخصيّاً لتقديم «الحرّاقة». من المواعيد المنتظرة أيضاً «ابن بابل» للعراقي محمد الدراجي، وشريط حاتم علي السجالي «الليل الطويل»....
«الأهم بالنسبة إلينا جعل «أيام بيروت» مساحة لتبادل الخبرات بين السينمائيين العرب»، بحسب إليان الراهب. تبادل أثمر، على سبيل المثال، محترف عمل متخصصاً سيديره غسان سلهب وطارق تقية على هامش التظاهرة تحت عنوان «طوبوغرافيا فيلم أو المدينة التي تنقص» («الجامعة اليسوعيّة» IESAV ؛ ٢٣ و٢٤/ ٩). «المهرجان لا يبغي أن يكون حدثاً احتفائياً فقط، بل محترفاً للمهتمّين من طلاب ومحترفين»، تقول زينة صفير.
هكذا، ستشهد الدورة الحالية عرضاً مخصصاً لأفلام الطلاب (18/9)، ولقاءً مع منتجين متخصّصين سيراجعون مشاريع أفلام مكتوبة ضمن محترف «الوجه والوجه الآخر». كما تلفت هانية مروّة إلى المساحة التي أعطتها «أيام بيروت» لـ«الوثائقي الإبداعي»، من خلال تقديمه إلى الجمهور كنوع قائم بذاته. على برنامج هذه العام مثلاً «شيوعيين كنّا» لماهر أبي سمرا و«في انتظار أبو زيد» لمحمد علي الأتاسي. تحديات كثيرة يتعامل معها الفريق بموضوعيّة، قد يكون أسهلها البحث عن تمويل. مع فورة المهرجانات العربيّة ذات الميزانيات الضخمة (دبي والدوحة مثلاً)، «يصرّ مخرجون كثيرون على عرض أفلامهم في العاصمة اللبنانيّة، ومنهم من يأتي إلى المهرجان على نفقته»، يخبرنا الثلاثي. وقد يكون أصعب تلك التحديات الموعد الدائم مع مفاجآت الرقابة اللبنانية (اقتطاع شريط سيمون الهبر قبل عامين، ومنع فيلم ديغول عيد هذا العام). «مشكلتنا ليست مع ضباط الأمن العام»، تلفت هانية مروّة، «بل مع قانون الرقابة المسبّقة الرجعيّ الذي منحهم صلاحيات المنع».


بدءاً من اليوم حتى 26 أيلول (سبتمبر) الحالي ـــــ «متروبوليس أمبير صوفيل» ـــــ للاستعلام: 01/ 01/204080
www.metropoliscinema.net