strong>عماد خشانرغم عيوبه الكثيرة، إلا أنّ «الأميركي» يستحق المشاهدة. لا جديد في الفيلم الذي أخرجه الهولندي أنطون كوربن، رغم مقاربته المغايرة لشخصية القاتل المحترف الذي أدركه العمر قبل أن يدركه الندم. ليس «الأميركي» فيلم إثارة وتشويق على الطريقة الهوليوودية، ولا فيلماً فلسفياً على طريقة سينما المؤلف الأوروبية. منذ اللقطة الأولى، يبدو كوربن كمن أراد تقديم فيلم ذي إيقاع بطيء، شبه تأملي، تساعده موسيقى هربرت غرونماير في نقل الجو الكئيب الذي يعيشه البطل جاك/ إدوارد.
يؤدي جورج كلوني هنا دور جاك، قاتل متعب يريد أن يتقاعد. يفر إلى إيطاليا ويرسله مشغّله بافيل (يوهان لايسن) إلى قرية نائية في الجبال. هناك يعيش متخفياً تحت اسم إدوارد، ويقضي يومياته برتابة، وهو يقرأ عن الفراشات. يتعرّف «السيد فراشة» ـــــ كما تلقّبه النساء نسبة إلى وشم كبير على ظهره ـــــ إلى كاهن فضولي (باولو بوناتشيلي) يريد دفعه إلى الاعتراف بخطاياه. لا يبدو دور الكاهن مقنعاً إلا في إسباغ نوع من العمق على فيلم يجهد للخروج من التشويق على النمط التقليدي. لكنّ تلك المحاولة تأتي ضعيفة، ولا تضمّ ما يغني من الجوع الفكري لأفلام «الأكشن». بين الكاهن وأحضان بائعة الهوى كلارا، ينتظر جاك تعليمات مشغله. تكون المهمة الأخيرة أن يصنع بندقية لزبونة جديدة اسمها ماتيلد، لنكتشف جانباً جديداً من شخصية جاك. فهو حرفي في صناعة أسلحة القنص الدقيقة. كأنّ الفيلم يريد أن يقول لنا إنّ في داخل القاتل فناناً مرهفاً.

حيثما يمض الأميركي... يتبعه الموت!

من نقاط ضعف الفيلم، يد المخرج الثقيلة في إمرار بعض اللمحات. يبدو طيلة الفيلم كمن يلقي نكتة، ويشعر أنّه مضطر إلى شرحها. مثلاً، في المشهد الذي يلتقي فيه جاك بماتيلد، في محطة القطار، نتذكر مشهداً مماثلاً في فيلم سيرجيو ليوني «حدث ذات مرة في الغرب» (١٩٦٨). أراد المخرج ربما أن يوجّه تحية لليوني، فإذا به لا يكتفي بمشهد القطار، بل يضع جاك في مقهى يتفرج صاحبه فيه على فيلم «حدث ذات مرة في الغرب»، وهو يخبرنا بولع مراهق أنّ ذلك الفيلم هو لسيرجيو ليوني، وأن ليوني (مفاجأة ثالثة) إيطالي! يؤدي جورج كلوني دوره بهدوء وحزن يتسق مع نمط الفيلم ككل.
يبقى سؤال أخير عن عنوان فيلم «الأميركي». في المشهد الأول، ترينا الكاميرا ببطء غابة جميلة ساكنة، يغطيها الثلج، وفيها كوخ يشبه مسكن بابا نويل...ما هي إلا دقائق حتى يغطي الدم المكان. بعد ذلك، ينتقل الأميركي إلى قرية أشد وداعة في جبال إيطاليا، سرعان ما تصير مصنعاً للسلاح... حيثما يمض الأميركي، يتبعه الموت!


The American: «غراند سينما ABC» (01/209109)، «بلانيت أبراج» (01/292192)، «بلانيت زوق» (09/221363)