صباح زوينعن دار «المجلة الفينيقية»، أصدر الشاعر ألان طاسو كتاباً ضخماً بالفرنسية يحمل اسمه، ويضمّ دراسات نقدية عن أعماله الكاملة التي تمتد على 12 سنة. ينشر طاسو قصائده منذ عام 1998 في إصدارات خاصة عن منشورات «لي بليه دور». شاعر غزير، أصدر 13 ديواناً بالفرنسية، وفنان ذو حساسية كبيرة إزاء التشكيل، ويرسم تحديداً باللون الأسود، هذا الحبر العميق والمعبر والدقيق.
يميل طاسو إلى النقد الصارم إزاء ما يعتبره تسطيحاً في الفن. يقول في إحدى مداخلاته «الفن اليوم هو أي شيء. كل الناس يستطيعون الرسم ولا أحد يعرف أن يحكم. هنا يكدسون كراسي، هناك يضعون لحافاً عليه بقع من الألوان (....)، وثمة دائماًً أناس يتفرجون ويشترون (...)».
الكتاب الضخم الصادر عن La Revue Phénicienne التي يديرها دافيد قرم، يضمّ دراسات عن أعمال طاسو الشعرية والفنية، أي الرسم بالحبر الأسود، إضافة إلى صفحات كاملة لبورتريهات الشاعر في لوحات بريشة كل من أيمن بعلبكي، ويوسف عون، وبول بيني، ورفيق شرف، وأسامة بعلبكي، وشوقي يوسف، وحسن لافاساني، وغوفدر. لوحات ـــــ بورتريهات في مراحل مختلفة من حياته، ترافق البحوث والمقالات، مع لوحات أخرى أيضاً رسمها الشاعر نفسه. كلها تتخللها نصوص قيّمة في مجال الدراسة الأدبية حول أعماله. هذا عن الجزء الأول للكتاب. أما الجزء الثاني فكناية عن مقتطفات من مجموعات طاسو الشعرية. العمل الذي جاء كموسوعة مصغرة، اختُتم بباقة من محاضرات طاسو ومداخلاته قدمها على منابر مختلفة، وتناول فيها ثيمات متنوعة بلغة تتميّز بالجرأة والقسوة في المواجهة.
يستهلّ دافيد قرم الكتاب، متحدثاً عن مصادفة لقائه بالشاعر، تلك «الصدفة المثمرة» كما يقول، ثم يليه الناقد المبدع جوزيف طراب في كلمة قدم فيها الشاعر، تلي مداخلة للشاعرة هدى أديب، فالشاعر عصام عساف، والأكاديمية ميراي عيسى، والمسرحي الكبير جلال خوري، والشاعر دانييل لوفيرز، والشاعر والروائي والباحث التشادي نمرود، والباحث البولوني أركاديوس بلونكا، والأكاديمي إيلي يزبك، والدكتور موفزس زيراني، وكاتبة هذه السطور.
كل دراسة تحمل منحى إضافياً وجديداًً لتكتمل به الدائرة، كأنها سلسلة متراصة الأطراف ومتعاقبة على نحو طبيعي. كل باحث وشاعر قدّم في هذا العمل ما لديه من رؤية إلى كتابة ألان طاسو، رؤى تتكامل لأنها تتوالى ولا تتكرر. هل هناك تكريم أكبر لشاعر، من اهتمام هؤلاء النقاد والشعراء والمثقفين؟
بين هذه الكلمة وتلك، يحار القارئ من أين يبدأ مع هذا المبدع اللبناني الخارج على السرب «الفرنكوفوني»، هو الشاعر الغزير والسريع الإنتاج ورصينه: جوزيف طراب أشار إلى أنّ «الكتابة، وتحديداً الكتابة الشعرية، هي بالنسبة إلى آلان طاسو طريقة وجود وحياة وأسلوب معيّن في التنفس داخل الفضاء اللازمني، وهو في الوقت ذاته يتوقف عند إيقاع الأزمنة والأيام وفصول الدنيا». فيما كتب الشاعر عصام عساف «بعيداً عن التأمل، كذلك عن الصمت الجامد، هذا السكوت هو سكوت روح مستعدة لأن تكون الوعاء الذي يستوعب ويرى إشارات النقص الوجودي المقلقة». أما نمرود فتناول تفاصيل دقيقة في تشريح كتابة طاسو التي لا يفصلها عما يرسمه الشاعر من لوحات بالحبر الأسود حين قال: «آلان طاسو لطالما أحبّ وتذوق الرسم (...)، والتجربة التي يجعلنا آلان طاسو نعيشها لهي غاية في الفرادة».
تلفتنا أيضاً كلمة جلال خوري وهو يأخذ الشاعر والقارئ معاً في تفسيره كتابة طاسو الشعرية، إلى «آفاق تدوّخنا عبر تمارين ذهنيّة (...)». أو ما يقوله له الشاعر الفرنسي الكبير إيف بونفوا، في رسالة شخصية «ثانية كتبها بخطّ يده» (كما يشير طاسو) بعد قراءته أحد كتب الشاعر الشاب: «شكراً على هديتك الجميلة. كتابك ـــــ إينتاي ـــــ محط تفكير بالنسبة إليّ». كلام مشجعٌ حول شاعر شاب أنجز ما أنجزه في محترفه الشعري والفني الخاص به.

يوقّع ألان طاسو كتابه في جناح La Revue Phénicienne في معرض الكتاب عند السادسة من مساء 30 ت1 (أكتوبر).