زينب مرعيلم تأت سفينة La Meuse إلى ميناء بيروت هذا العام حاملة أجواء الاحتفاليّات وضوضاءها إلى «معرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت». يعود المعرض بنسخته الـ17 أكثر رصانة، ليبتعد عن افتتاح السنة الماضية الذي أخذ شكلاً استعراضياً مع وصول كتّاب مشاركين في الحدث على متن سفينة تماشياً مع احتفاليّة «بيروت عاصمة عالميّة للكتاب 2009».
المعرض الذي يفتتح اليوم في «بيال»، يحاول العودة إلى أسئلة أهم تتعلّق بالمنحى الذي يجب أن يأخذه «الصالون الفرنكوفوني» مستقبلاً وكيفيّة تطويره. فهل يتّجه المعرض نحو إعطاء دور أكبر للكاتب اللبناني الناطق بالفرنسيّة، أم للكاتب الفرنكوفوني غير الفرنسي؟ وهل التنوّع الثقافي حاضر في المعرض الذي اقترن اسمه بمصطلح «الفرنكوفونيّة»، منذ عودته عام 2008؟ أي منذ انتقال شعلة تنظيمه من أيدي «المركز الثقافي الفرنسي» إلى «نقابة مستوردي الكتب في لبنان» للتملّص من العبء المادي ربّما، أو التنظيمي، أو السياسي، أو على الأرجح الأمني الذي يقلق الفرنسيين؟ ومن لا يزال يمسك فعلياً بخيوط المعرض؟ وهل هناك طرف أو طبقة أو خندق سياسي أو إيديولوجي «يحتكر» الفرنكوفونيّة في لبنان؟
إشارات في معرض السنة تلفت إلى تغييرات قد تطرأ عليه مستقبلاً، بتأثير من مستشار التعاون والعمل الثقافي الجديد في المركز الثقافي الفرنسي أوريليان لوشوفاليه. الدبلوماسي القادم من كواليس واشنطن إلى العمل الثقافي في لبنان، التحق بالقطار التنظيمي سريعاً. لوشوفاليه الذي بدأ عمله في بيروت مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي، يقول إنّه لم يجد الوقت ليؤدي دوراً جدياً في التنظيم، بل تسلّم جدولاً جاهزاً بأسماء الـ130 كاتباً الذين يزورون المعرض، بينهم صاحب «غونكور 2004» لوران غوديه، وياسمينة خضرا، وريجيس دوبري (علمنا باعتذاره عن عدم المجيء لحظة كتابة هذه السطور)، وفاروق مردم بك، وروبير سوليه، والياس صنبر، وألان طاسو، ونمرود، فينوس خوري غاتا، وجبور الدويهي... كذلك يضمّ «الصالون» سبعة معارض، بينها واحد مخصّص لألبير كامو (راجع المقال أدناه)، وآخر تحيّة للتشكيلي المصري الراحل محيي الدين اللباد. للمرّة الأولى يدور المعرض «رسمياً» حول تيمة محددة، إذ يجمع بين نشاطاته محوراً مشتركاً: «كلمات المتوسط» بعدما أضاء معرض 2008 على «الحوار الأورو ــــ متوسطي».
موضوع «المتوسّط» أثير على قلب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي صاحب مشروع «الاتحاد من أجل المتوسط». على لائحة شركاء المركز الثقافي الفرنسي في تنظيم المعرض، نجد أيضاً مؤسسة «سيدرونا» التي يشرف عليها الكاتب ألكسندر نجّار، لكن المذكور يحاول أن يقلل من أهميّة دوره. يقول إنّه كمشرف أيضاً على الملحق الأدبي لجريدة «لوريان لوجور»، يسهم في تنظيم بعض ندوات المعرض ودعوة بعض الكتّاب. يدعوهم على نفقة من؟ وعلى أي أساس يختارهم؟ يؤكّد نجّار أنّه حاول في تنظيم اللقاءات الالتزام بتيمة المعرض والجمع بين الشرق والغرب. هكذا، ينظّم مثلاً ندوة «فلسطين اليوم» أو «ألف ليلة وليلة، مصدر إلهام كتّاب اليوم». ورغم أنّ المعرض يحمل تيمة للمرة الأولى، إلّا أنّ أنشطته تدور حول «المتوسط». يقول لوشوفاليه إنّ «الموضوع فرض نفسه. الكتّاب المشاركون هم أبناء المتوسط. وهذا ما يميّز معرض بيروت. عبر هذه التيمة، نحاول ألا يكون المعرض مكاناً لبيع الكتب فقط، بل أيضاً مساحة للنقاش. لكننا سنحاول أن نكون أكثر جرأة في طرح القضايا». ويشدّد المنظّمون السنة على دور الشباب، إذ يستقبل المعرض 8 كتّاب للناشئة، بينما ترسم مصمّمة الغرافيك مايا زنقول يومياً في جناح المركز الثقافي الفرنسي، ويعزف في «الصالون» يومياً طلّاب الكونسرفتوار الوطني اللبناني.
لكن إذا كان «المركز الثقافي الفرنسي» لا يزال مسؤولاً عن اختيار التيمة، والمعارض داخل «الصالون»، واختيار معظم الكتّاب الفرنسيين المشاركين، وتنظيم ليلة الافتتاح، فماذا بقي لـ«نقابة مستوردي الكتب» التي تقف في الواجهة التنظيميّة منذ 2008؟ يقول الرئيس الجديد للنقابة بيار صايغ إنّ النقابة تهتم بالأمور اللوجستيّة، بينما يهتم ألكسندر نجّار عبر «سيدرونا» بدعوة الكتّاب اللبنانيين الناطقين بالفرنسية. وإذا كانت لائحة الكتّاب اللبنانيين الفرنكوفونيين قد تضخّمت هذا العام، فإنّ بعضهم يشكو من احتكار الفرنكوفونيّة. برأيهم، إنّها الأسماء ذاتها التي تُدعى سنوياً من دون الالتفات إلى تجارب قد تكون أكثر جديّة، لأسباب عدة، أبرزها الشروط التي يفرضها «المنظّم الوحيد» حسب مصالحه، بينما يرى لوشوفاليه أنّ وجود عدد كبير من الكتّاب اللبنانيين الفرنكوفونيين هو طريقة للقول إنّ هذا الصالون هو للبنانيين، ما سيمنحه أهميّة عالميّة بعدها. لكن أين الفرنكوفونيّة في العالم اليوم؟ وهل هذا الشكل من المعارض هو الوسيلة الأفضل لدعمها؟ الأكاديمي باسكال مونان يرى أنّ المدارس لا تزال حصن الفرنكوفونيّة المنيع، لكن الوضع الحرج يظهر خارج الأسوار الأكاديميّة. ويضيف: «رغم أهميّة المعرض، إلّا أنّ على المركز الثقافي اعتماد أساليب أكثر فعاليّة لإبقاء هذه الثقافة حيّة. أوّلها إبعاد حصرها في النخبة لتطاول شرائح الناس كلّها». يتحقّق هذا الأمر، بحسب مونان، عندما يدعم الفرنسيون أسعار الصحف والكتب الفرنسية لتصبح في متناول الجميع، وعبر نقل المعرض إلى المناطق اللبنانية البعيدة عن بيروت. أمّا الكاتب اللبناني الناطق بالفرنسية، ألان طاسو، فيذهب أبعد من ذلك في بحثه عن اندماج الثقافة الفرنسيّة في التربة المحليّة: لا بد من أن تتجاور الكتب العربيّة والفرنسيّة، ويأتي يوم يذوب فيه المعرض «الفرنكوفوني» في معرض وطني جامع هو معرض بيروت الدولي للكتاب.

حتى 7 تشرين الثاني (نوفمبر) ـــــ «بيال»
(وسط بيروت). للاستعلام: 01/995222
www.salondulivrebeyrouth.org


هجاء «الفرنكوفونيّة»

ابتدع نمرود بينا دجانغرانغ (1959) قاموسه الخاص في الفرنسيّة. الشاعر والروائي وأستاذ الفلسفة التشادي، دخل الأدب من باب الشعر، تماماً كملهمه سنغور. كتب قصائد عن الصخر والغبار والعبور إلى ما لا نهاية، قبل أن تمنحه رواية «فخذا أليس» (2001) شهرة واسعة. صوت متفرّد في جيله، تمرّد على «الفرنكوفونيّة» بوصفها من مخلّفات الاستعمار. يوقِّع كتابه الإشكالي «الشيء الفرنسي الجديد» في جناح «مكتبة أنطوان» عند السادسة مساء 30 الحالي.

في المنطقة الرمادية

بين مكبّ نفايات وشاطئ البحر، تدور أحداث رواية ياسمينة خضرا الأخيرة «أولمب البؤس». الروائي الجزائري يوقّع كتابه هذا عند السابعة مساء 30 الحالي، في جناح «أنطوان». بعد «فضل الليل على النهار»، يأخذ صاحب «الصدمة» مفترقاً أسلوبياً مختلفاً، من خلال قصة تجري على الهامش، أبطالها مجموعة من المتسكِّعين... الأديب/ النجم الذي تُؤخذ عليه مواقفه الرمادية الملتبسة، يشارك في حوار مفتوح يسبق التوقيع.

فلسطين: القاموس العاشق

ابن النكبة الذي هجّر من أرضه رضيعاً، أصبح من أبرز الذين أرّخوا لتغريبة الشعب الفلسطيني. مؤسس مجلة «دراسات فلسطينية» ورئيس تحريرها الياس صنبر، سيكون حضوره ملحوظاً في معرض الكتاب. سيلتقي صديقيه الياس خوري وفاروق مردم بك الذي يوقّع بدوره كتابه «ساركوزي في الشرق الأدنى»، وهنري لورنس، في ندوة «فلسطين اليوم» عند السادسة مساء 31 الحالي، ثمّ يوقّع كتابه بالفرنسية «فلسطين: القاموس العاشق» في جناح «مكتبة اسطفان».

تحيّة إلى المفكّر الغائب

لن يوقّع ريجيس دوبريه كتابه الإشكالي «رسالة إلى صديق إسرائيلي» (فلاماريون) كما كان مقرراً. فقد ألغى صاحب «نقد العقل السياسي» موعده البيروتي في اللحظة الأخيرة. المناضل والمفكر الماركسي الفرنسي العتيق، رفيق غيفار ومستشار فرانسوا ميتران في الثمانينيات، يهدي كتابه إلى المايسترو دانيال بارنبويم. العمل الذي يُترجم حالياً إلى العربيّة، كلّف صاحبه حنق اللوبي الصهيوني، ويتضمّن رداً من السفير الإسرائيلي السابق في باريس إيلي برنافي.

باريس ــ بابل ــ بيروت

في «باي باي بابل؛ بيروت 1975 ـــ 1979»، تحكي لميا زيادة (1986) طفولتها في الحرب الأهليّة. التشكيلية اللبنانية المقيمة في باريس، تنسج عالماً من الألوان حول الرشاشات والمدافع وشخصيات المرحلة. عند السابعة من مساء الأربعاء 3 ت2 (نوفمبر) المقبل، توقّع الفنانة، في جناح مكتبة «البرج»، كتابها المصوّر الذي يتوّج مسيرة غنية أمضتها بين تصميم الملصقات والإعلانات، ورسم الأقمشة لدور الأزياء، واختراع مفردات بصريّة للشهوة.

خبير القضايا الساخنة

آلان غريش في بيروت. الصحافي والمحلل السياسي والمراقب المتمهّل للعالم العربي، المولود في مصر، يستعيد فلسطين كـ«قضيّة كونيّة» تقع عند الشرخ الفاصل بين الشمال والجنوب، بين الشرق والغرب، عند لحظة التحوّل الكبير، ونهاية قرنين من الهيمنة الغربيّة. «إلامَ يرمز اسم فلسطين؟» (منشورات LLL)، هو عنوان الكتاب الذي يقدّمه المدير المساعد لجريدة «لو موند ديبلوماتيك»، على هامش المعرض الرسمي في موعد سنعلنه في حينه.