بيار أبي صعب



مقطع من الحفلة







لا أعرف كيف سمعت ابنة الأشرفيّة بالأمسية، ولا كيف استهدينا معاً إلى «مسرح حسّانة الداعوق» في عائشة بكّار... كل ما أعرفه أنّنا وجدنا أنفسنا، أول من أمس في ذلك المسرح الصغير، وسط جمهور من سيدات المجتمع والأعيان والذوّاقة، وأنا أحاول أن أترجم لرفيقة المغامرة هذا البيت: «إنّي أغار من الكؤوس فجنّبي/ كأسَ المدامةِ أن تُقبّلَ فاكِ». كان موعداً استثنائيّاً مع الطرب الأصيل والموسيقى الراقية، أحيته فرقة «مَيَال» التي اكتشفنا بشيء من الإحراج أننا لم نسمع بها من قبل.
برنامج الوصلات المقاميّة جمع بين العزف والغناء، بين القوالب المحددة سلفاً والارتجال، بين الأنماط الثابتة التي تركّز المقام في الأذن سعياً إلى «السلطنة»، والارتجالات المرسلة والموقّعة، غزفاً وغناءً... مروراً بالأشكال المركّبة التي تتضمّن لحناً ثابتاً يتخلله بعض الارتجال كما في قصيدة «مالي فُتِنتُ» (علي الجارم/ صبري النجريدي) التي تألقت في أدائها دلين جبّور صاحبة الصوت القوي والمطواع والمتمكّن. كما أبدعت، ترافقها لميا يارد، في موشّح «يا غصن نقا»، وطقطوقة «مرمر زماني» للشيخ إمام، وموّال «ليه الحبيب»...
دلين جبّور، متخرّجة «المعهد الأنطوني»، سيسمع بها الجمهور على نطاق واسع. إنّها ملهمة هذا التخت الشرقي الذي يضمّ فنانين لافتين: أحمد شبّو (كمان)، عبد قبيسي (بزق)، جاد صليبا (عود) وناجي العريضي (إيقاع). على باب «جمعيّة العناية بالأم والطفل»، كنّا ما زلنا نردّد قفلة أحد أدوار عبده الحامولي: «غيرْنا تملّك وصال/ واحنا نصيبْنا الخيال/ كدا العدل يا منصفين؟»... في انتظار سيّارة تنقلنا إلى أمسية «كزا مدى» في الحمرا، عند «وردة». لكن تلك مغامرة أخرى.

تم تعديل هذه المقالة عن نسختها الورقية الجمعة 22 تشرين الأول 2010