بعد رحيل نصر حامد أبو زيد، تحدّثت بعض الصحف عن «مؤامرة لتصفيته جسدياً». بعضهم نسب المؤامرة إلى المتطرّفين الذين وجدوا في بلد مثل أندونيسيا مكاناً مناسباً لتنفيذ المؤامرة، وآخرون نسبوها إلى استخبارات دول رأت في نصر عدواً وراحت تسعى إلى التخلّص منه منذ زمن طويل. بل إنّ الأمن تلقى طلبات للتحقيق في هذه الاتهامات من بعض أفراد أسرة أبو زيد. لكن، ماذا كان شعور ابتهال يونس وهي تسمع عن اتهامات مماثلة؟ تجيب بأنّ هذه الاتهامات لا تستحق عناء الردّ بسبب عدم صدقيّتها. طيّب، ماذا عن الإهمال الطبي الذي حكى عنه بعضهم خلال علاج أبو زيد؟ تنفي بشدة هذا الأمر، مضيفةً «بالعكس، المستشفى كان من أفضل المستشفيات في مصر، وكان نصر يعامل معاملة خاصة بسبب مكانته، ولأنّ له أصدقاء كثيرين أطباء أوصوا به». لكن، ألم يكن هناك إمكان لنقله للعلاج في الخارج؟ تجيب: «منذ البداية، اتصلت بأشهر الأطباء في فرنسا وألمانيا وهولندا، حيث يمتلك تأميناً صحياً. لكنّهم قالوا إنّه يصعب نقله وهو فاقد الوعي لأنّ هناك خطراً على حياته، كما أن العلاج الذي تلقّاه كان مباشرةً بإشراف أطباء من فرنسا».
ننتقل إلى المشاريع التي تفكر بها ابتهال من أجل تخليد اسم نصر حامد أبو زيد. هي لا تريد الإفصاح عن التفاصيل، لكنها منكبّة الآن على مجموعة أفكار، تعكف على دراستها من مختلف الجوانب. قد يكون هناك تفكير في تأسيس مركز أبحاث يحمل اسم نصر، وجائزة باسمه أيضاً، أو منح دراسية في الخارج. «كل الأفكار واردة من أجل أن يظلّ نصر مطروحاً بقوة في الأوساط العلمية والأكاديمية» تقول.
لكن، ماذا عن أعماله ومؤلفاته ومذكراته التي تركها؟ تجيب: «سننشر كل ما كتب، وما ترك من محاضرات، آخرها محاضرتان لم تنشرا من قبل. كما أنني سأجمع ما كتبه من مذكرات تحت عنوان «حياتي من القرية إلى المنفى». كما أنّ الاحتفال بأفكار نصر لن تتوقف. ثمة احتفالات في إسبانيا خلال الشهر المقبل، وآخر في ألمانيا، وثالث في هولندا. وسينظّم المجلس الأعلى للثقافة، في الذكرى السنوية الأولى لرحيله، مؤتمراً دولياً حول نهجه وأفكاره وأعماله. كل هذه الأشياء ستؤكّد الحضور الكبير لنصر حامد أبو زيد».
هل كانت لديه رغبة في العودة نهائياً إلى مصر في العام الأخير؟ تجيب: كان قراره أن يعود لفترات طويلة، أي حوالى ثلاثة أشهر في العام، لكن ليس كإقامة نهائية، لأنّ السفر في أرجاء أوروبا، حيث كان يشارك في مؤتمرات كثيرة، بدا له أسهل بكثير انطلاقاً من هولندا». تصمت قليلاً، وتعود إلى سؤالنا الأول. وسرعان ما تقول غاضبةً: «لو كانت هناك شبهة جنائيّة بنسبة واحد في المليون بوفاة نصر أبو زيد، هل تتصوّر أنني كنت سألتزم الصمت؟».
محمد...