ثلاثة أفلام إيرانيّة شاركت في«المهرجان الدولي لأفلام المقاومة» الذي اختتم في بيروت أخيراً. نظرة إلى تجارب خاصة تجمع بين الفنّ والقضيّة «المقدّسة»
محمد الأمين
اختتمت أخيراً في العاصمة بيروت فعاليات «المهرجان الدولي لأفلام المقاومة» الذي نظّمته المستشارية الثقافية الإيرانية في بيروت، بالتعاون مع قناة «المنار» و«الجمعية اللبنانية للفنون» (رسالات). وقد قدم المهرجان في محطته اللبنانية أفلاماً إيرانية وعربيّة، على أن يقام في تركيا وطاجيكستان وفنلندا.
تمثلت المشاركة الإيرانية في المهرجان في فيلم الافتتاح «كودك فرشته» (الطفل والملاك) للمخرج مسعود نقّاش زاده، و«أتوبوس شب» (حافلة الليل) للمخرج كيومرث بور أحمد، و«خاكستر سبز» (الرماد الأخضر) سيناريو وإخراج إبراهيم حاتمي كيا، إلى جانب شريطين عربيين هما «أهل الوفا» للسوري نجدت أنزور، و«عصفور الوطن» للفلسطيني مصطفى النبيه.
أفلام المقاومة، «أو ما يعرف في إيران بأفلام الدفاع المقدس»، تبنّت في الأعوام الأخيرة «قضايا غير إيرانية، مثل الاعتداء الإسرائيلي على لبنان أو حرب الـ33 يوماً»، بحسب مدير المهرجان محمد خزاعي. ويؤكد الصحافي الإيراني رضا غبيشاوي أنّ «هذا الاهتمام غير منحصر في الموقف الرسمي فقط. هناك شريحة واسعة من الفنانين والسينمائيين الإيرانيين تفاعلت مع القضايا العادلة للشعوب الأخرى».
الحرب العراقية الإيرانية حضرت في شريط «حافلة الليل». نكتشف قصّة الشاب المتطوّع عيسى الذي يجد نفسه أمام مسؤولية نقل 38 أسيراً إلى المناطق الخلفية من ساحات القتال. قد يعود جانب من نجاح الفيلم وما حقّقه من تحوّل في أفلام المقاومة الإيرانية إلى كونه مقتبساًَ عن الأعمال القصصية للروائي حبيب أحمد زاده. وتعدّ مجموعات هذا الأخير القصصية، إضافةً إلى روايته «شطرنج مع

«حافلة الليل» مقتبس عن الروائي حبيب أحمد زاده

ماكينة القيامة»، محطات مهمة في تطور مضامين أدب المقاومة ذاته. رؤية توافقت مع أسلوب أحد أكثر السينمائيين الإيرانيين اهتماماً بالتفصيل البسيط والمعبر، كيومرث بور أحمد.
ليست الحادثة في فيلم «حافلة الليل» المحور، بل الإنسان في سلوكه وردود فعله تجاه الحرب ومفرداتها. وفي هذه النقطة، يتقاطع الفيلم مع أغلبية أفلام المقاومة الإيرانية. يختتم «حافلة الليل» على فقدان بطله عماد في حقل ألغام من دون أن يتسنى لزوجته أن تزفّ له خبر حملها. خاتمة تلمّح إلى مصير أطفال سوف تبقى حقول الألغام على صلة بمستقبلهم، في موقف مناهض للحروب المفروضة على شعوب مسالمة منحازة كل الانحياز إلى الحياة.
يؤكد بور أحمد أنّه ابتعد عن «المبالغة والتعقيد» في مجمل مسيرته السينمائية (17 فيلماً روائياً). من جهته، يلفت السيناريست حبيب أحمد زاده إلى «أنّ أدب المقاومة عليه أن يتشذّب من الشعارات وأن يركز على السلوك العفوي لشخصيات رأت في مشاركتها في ردع العدو أمراً منطقياً، قبل أن يكون أيديولوجياً».