strong>أحمد محسنفجأة، اختفى الفندق الشهير الذي زارته أم كلثوم... والسرير الذي نام عليه شارل أزنافور تحول إلى «دولاب» للتعذيب. حتى مساحة السياسيين الذين أحبوه ككمال جنبلاط، وياسر عرفات اختفت. إذ ارتبط «بوريفاج» (بيروت) لسنوات طويلة بالوجود العسكري السوري في لبنان، وتحديداً في ذلك الفندق الذي تحوّل إلى مقرّ لتعذيب قسم من المعتقلين اللبنانيين الذين عارضوا الوجود السوري في سنوات ما بعد الحرب الأهلية.
خلال عدوان تموز 2006، وأثناء سكنه في هذا الفندق الذي عادت إليه الحياة تدريجاً، انتبه مراسل قناة «الجديد» رامي الأمين إلى كثرة الذكريات المرتبطة بهذا المكان، فقرّر توثيقها. هكذا دخلت الكاميرات إلى الفندق، وبعد شهر ونصف من العمل المكثف، سنشاهد الليلة على «الجديد» وثائقي «بوريفاج» الذي تولى إعداده وإخراجه الأمين نفسه.
يتخلّل الشريط (مدّته خمسون دقيقة) مجموعة من الشهادات لأشخاص واكبوا فترة الوجود السوري في لبنان عن قرب. هكذا يطلّ النائب عاصم قانصوه الذي سيتحوّل إلى نجم الوثائقي بامتياز. طبعاً لن يحمل حديثه الكثير من المفاجآت أو من الإدانة لتلك المرحلة، ولن يجد حرجاً في إعلان المعتقل ساحة تعذيب سابقة، «المعتقلون لن يعترفوا إلا بالطرق المناسبة» يقول. ويستفيض متذكراً الحفلة الوداعية الشهيرة التي رافقت خروج القوات السورية من لبنان.
كذلك، سيظهر على الشاشة أحد أفراد الاستخبارات السورية العاملة في لبنان سابقاً، ويدعى أحمد الحجار. وللوهلة الأولى، يتوقع المشاهد أن يسمع بعض الشهادات القاسية. لكن الحجار سيكتفي بالقول «إنّ للـ«بوريفاج» فضلاً على الجميع... كان المحققون يقدمون الشاي للمعتقلين، يسألونهم بعض الأسئلة، ثمّ يغادرون بسلام»!
أما الصحافي أنطوان الخوري حرب، فهو بلا شكّ الشخصية الأساسية في الوثائقي. إذ سيقدّم للمشاهد وجهة نظر مختلفة، لتبدأ معه رحلة الكاميرات إلى قعر المعتقل. يقود حرب الرحلة بنفسه. كيف لا وقد قضى في أروقة هذا الفندق ـــــ المعتقل أياماً سوداء. كان ذلك في عام 1994 حين اقتيد إلى داخل «بوريفاج،» وتحديداً إلى الطبقات السفلى للتحقيق معه ثمّ تعذيبه.
ولا شكّ في أنّه لولا الانطباعات القوية الباقية في ذاكرة الخوري حرب الذي اعتقل هناك، لما وصلت الكاميرات إلى فظاعة الأقبية حيث لم يتغيّر شيء، إلا الطبقة الأولى. كل شيء آخر بقي في مكانه: الزنازين صدأت، والرافعات الحديدية ما زالت في مكانها... وهو ربّما ما دفع رامي الأمين إلى تشبيه هذا المكان بمعتقل الخيام (جنوب لبنان).
كذلك، يحلّ على الوثائقي ضيوف متوقّعون مثل النائب السابق إلياس عطا الله. هذا الأخير كان ضيفاً عزيزاً على «بوريفاج». لكن المفارقة، هي أنّ عطا الله تعرّف إلى المكان في الفترة التي تلت الانسحاب السوري إلى لبنان. كذلك فإنّه لم يذهب إلى هناك زائراً، أو مستطلعاً ذلك المكان الذي هاجمه في السنوات التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ببساطة، سكن هناك في فترة الاغتيالات التي عصفت بالبلاد، لاعتقاده أنه مكان مناسب أمنياً.


الليلة 21:30 على «الجديد»