بعد الشراكة بين «روتانا» و«نيوز كورب»

بعد مخاوف من وقوع أرشيف السينما المصرية في يد إسرائيل، ها هو الملحّن اللبناني يفتح النار على الشركة السعودية وشراكتها مع «نيوز كورب»، محذراً زملاءه من «عقود التفرّغ» التي تسمح لفنانين إسرائيليين باستخدام ألحانهم

ربيع فران
لم تعد الأزمة بين وردة و«روتانا» خافية على أحد. وفيما كان يُفترض أن يصدر للنجمة الجزائرية ألبوم يتضمّن مجموعة من أغانيها القديمة التي تؤديها بتوزيع جديد على شكل دويتو مع عدد من المغنين مثل حسين الجسمي، وصابر الرباعي، ومروان خوري، وفضل شاكر... قرّرت وردة إلغاء هذا الألبوم بسبب تأخّر الشركة السعودية في إنتاجه. أما الألبوم الثاني الذي يضمّ أغاني جديدة، فمن المفترض أن يصدر بعد أن تنتهي بعض الالتزامات الإدارية المتعارف عليها دائماً في إنتاج الألبومات الغنائية، وأبرز هذه الالتزامات هي دفع المستحقات المادية و... الحصول على التنازلات القانونية من الملحنين والشعراء المشاركين في الألبوم.
وهذا البند تحديداً أثار موجة من البلبلة بين الملحنين والشعراء، إذ تطلب «روتانا» عملاً بما يُسمّى «عقود التفرّغ» عن الأغنيات، أن يتنازل الملحن والكاتب نهائياً عن الأغنية لمصلحة «روتانا»، وهو ما رفضه مثلاً الملحّن بلال الزين، فسحب أغنياته الأربع التي كان قد لحّنها لوردة، واتّفق مع هذه الأخيرة على أن تصدر الأغاني في ألبوم آخر مع شركة إنتاج أخرى.
في حديث مع «الأخبار»، أعرب بلال الزين عن استيائه ممّا يسمّى «عقود التفرّغ»، مستغرباً الشروط التي تفرضها هذه العقود، ومنها تنازل الملحن عن عمله طيلة حياته، وخمسين سنة بعد وفاته! وقال الزين إنه بناءً على هذه العقود، يحقّ للشركة «استعمال هذه الألحان وإعطاءها لمطربين آخرين، أو قد تستعملها «روتانا» لاحقاً في إعلانات، ولا يحق للملحن الاعتراض ولا المطالبة بأي مقابل». ويضيف: «أنا أرفض تماماً هذه الصيغة وأرفض التنازل عن ملكية أغنياتي، وخصوصاً بعد الشراكة مع «نيوز كورب»، وجميعنا يعرف علاقة هذه الشركة بإسرائيل». وهنا تحديداً يثير الزين موضوعاً حساساً، فيقول: «ببساطة يمكن الإسرائيليين أن يمتلكوا بذلك الفن العربي. فما الذي يضمن مثلاً ألا تتحوّل أغنياتي إلى ألحان بأصوات مطربين إسرائيليين أو تستعمل في إعلانات لمنتوجات إسرائيلية؟ وإذا حصل ذلك، فلا يحق لي أن أعترض لو وقّعت عقد التفرّغ». وانطلاقاً من كل هذه الأسباب يقول الزين إن المفاوضات بينه وبين الشركة السعودية قد وصلت إلى طريق مسدود، «وبالتالي ستنتقل ألحاني التي ألّفتها للفنانة القديرة وردة لتصدر بالاتفاق مع شركة أخرى، ولكن طبعاً بصوت وردة».
وعن سحب ألحانه من الفنان فضل شاكر، يقول بلال الزين: «أخبرت فضل شاكر أني أرفض التعامل مع «روتانا»، بل أردت التعامل معه هو مباشرة. وهو وافق على هذه المسألة بداية، ثم تغيّر الاتفاق، ما اضطرني إلى سحب أغنياتي منه، وخصوصاً أني لم أكن قد تنازلت عنها بعد ويحق لي ذلك». ثمّ جاء خلاف شاكر مع إدارة «روتانا» ليؤكّد للزين أنّه كان محقاً في رفض التعامل مع الشركة السعودية. ويختم حديثه قائلاً «أتمنى على كلّ المؤلفين والملحنين الانتباه والوعي لهذه المسألة الخطيرة المسمّاة «عقود التفرغ»»!
من جهة ثانية، فإّن مصادر مقرّبة من «روتانا» أكّدت لـ«الأخبار» أن الملحن وليد سعد مستاء أيضاً من عقود التفرغ، ولم يسلّم شركة «روتانا» أي تنازل عن ألحانه إلا وفقاً لعقود النشر القديمة، التي كان معمولاً بها قبل إرساء الصيغة الجديدة.
الشاعر نزار فرنسيس قال لـ«الأخبار» إنه لا يعلم تفاصيل عقود التفرّغ، ولا علم له بما تناوله الملحِّن بلال الزين، مؤكداً أنه في الوقت الحاضر لا يقدّم الكثير من التنازلات لشركات الإنتاج، ومنها «روتانا»، بسبب الأزمات المالية.
لكن يعود فرنسيس ليؤّكد أنه ضد الاحتكار الفني عموماً، وخصوصاً أنّ «الإبداع لا يقاس بتنازلات». واستغرب طريقة تنازل بعض الملحنين والشعراء عن حقوقهم حتى بعد مماتهم بخمسين عاماً، «فيما العمل الفني هو ملك عام وعائدات المؤلف قانونية».
وفي انتظار أن تتّضح الصورة، يقول فرنسيس إنّه سيدرس عقود التفرغ، وبالتالي سيستشير محاميه الخاص، «وإذا كانت المعلومات صحيحة، فسأقوم بحملة خاصة ضد هذه العقود وهذه التنازلات المخزية بحقنا كمواطنين لهم هويتهم العربية... وكمبدعين ثانياً».


فتّشوا عن «الساسيم»

تعليقاً على شراكة «روتانا» و«نيوز كورب» التي تحدث عنها بلال الزين، قال وليد أبو فرحات أحد محامي «روتانا» ولـ «الأخبار» إنّ هذا الموضوع لا علاقة له بالمسألة المطروحة، باعتبار «أنّ هذه الاتفاقية كما نشرت تتعلق بالقنوات وليس بالإنتاج الموسيقي». وأضاف أنّ العقود التي كان يعمل بها سابقاً أصبحت غير مقبولة بعد انضمام «روتانا» إلى «الساسيم» (جمعية المؤلفين والملحنين) التي ينضم إليها بلال الزين وغيره من المؤلفين والملحنين في الوطن العربي. بالتالي، فعقد النشر الذي يتم توقيعه حالياً إنما اتفق عليه بين «روتانا» و«الساسيم» للتعامل على أساسه مع المؤلفين الذي يبقى لهم الحق في مناقشة ما يتضمنه العقد. وختم أبو فرحات: «كلام بلال الزين غير مسؤول لأنّ الحقوق هي مع «الساسيم» وليست مع «روتانا» التي أصبحت ناشراً لهذه الحقوق وليست مالكاً لها».


ذاكرة السينما المصرية

في آذار (مارس) الماضي، طالب البعض بمقاطعة «روتانا» خوفاً من ذهاب أرشيف السينما المصرية إلى إسرائيل. وبرزت مخاوف من قيام روبرت مردوخ صاحب «نيوز كورب» بحجب الأفلام التي تناولت الصراع العربي الإسرائيلي.