يمكن اعتبار القضية الفلسطينية والحرب في أفغانستان وصورة العرب والمسلمين من أهم محاور «مهرجان الفيلم الوثائقي في أمستردام» (IDFA) الذي اختُتم أمس
أمستردام ـــ محمد الأمين
في فيلم الافتتاح «حالة النجوم» الذي حاز الجائزة الكبرى لأفضل فيلم وثائقي طويل وأفضل وثائقي هولندي، يقدّم الهولندي ليونارد هلمريش صورة إندونيسيا من خلال عائلة منشطرة في معتقدها الديني بين المسيحية والإسلام. ويتقصّى ملامح صراع العائلة مع المتغيرات المرتبطة بالدين والعولمة والحداثة. أما الهولندي المخضرم جورج سلويتزر، فقد حظي فيلمه «موطن» بأكبر حصة من الأضواء، لا على الصعيد السينمائي فحسب بل على الصعيد السياسي، إذ صرّح في المهرجان عن جريمة لأرييل شارون، كان شاهداً عليها، تمثّلت في قتل طفلين فلسطينيين في مخيّم شاتيلا («الأخبار»، ٢٦/ ١١/ ٢٠١٠).
وربما اعتقد جورج سلويتزر أنّ أربعة عروض لفيلمه ليست كافية للوصول إلى الهدف، أي التعريف بحقيقة الصراع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني، والكشف عن الجرائم التي نفذتها إسرائيل ضد الفلسطينيين. لذا، وظّف منصة الإعلام لإكمال رسالته في فضح الممارسات الإسرائيلية، بدءاً من مرحلة الزعماء الذين وصفهم بالإرهابيين الذين طردوا السكان الفلسطينيين من أراضيهم في المرحلة التأسيسية، وصولاً إلى الساسة الجدد كنتنياهو وليبرمان اللذين «ليسا إرهابيين بل مجرما حرب».

أكثر الأعمال تأثيراً وجرأةً كان «دموع غزة» لفبيكه لوكبرغ

ورغم أهمية الاستعانة بالمواد الفيلمية التي تعود إلى السبعينيات، وتوظيفها ضمن رؤية بانورامية لتقديم حقيقة الصراع للمشاهد الأوروبي، إلا أنّ نقطة ضعف الفيلم تكمن في أن رؤية المخرج إلى الصراع جاءت متأخرة عن المادة الفيلمية ذاتها. ولعل الإجابة التي يقدمها عن السبب الذي دفعه إلى أن ينتظر كل هذه السنوات كي يكشف عن جريمة شارون في قتل الطفلين، تؤكد هذا الاستنتاج. فأيام مجازر صبرا وشاتيلا لم يكن الأمر يعنيه.
فلسطين والفلسطينيون كانوا حاضرين بقوة عبر أفلام أنجزها مخرجون أجانب وعرب. ولعلّ أكثر هذه الأعمال تأثيراً وجرأةً هو «دموع غزة» لفبيكه لوكبرغ. قدّمت المخرجة النرويجية مشاهد مروّعة من قتل إسرائيل للأطفال في غزة، واستعمال الأسلحة المحظورة دولياً ضدهم، فيما تناول المخرج الأردني الفلسطيني محمود المساد في «هذه صورتي عندما كنت ميتاً» جانباً من الصراع برؤية موضوعية وحذرة.
أما «شارع أبو جميل» للمخرجين الفرنسيين أليكسي مونشوفي وستيفان مارشيتي، فيقدّم صورة محايدة عن الواقع المعيشي لأهل القطاع، وأهمية الأنفاق بوصفها المنفذ الوحيد للحصول على الأدوية والطعام. ويتناول القصف الذي تعرضت له من الطائرات الحربية الإسرائيلية. لكنّ الفيلم يتجنّب الخوض عميقاً في القضية، ويكتفي بالتلميح إلى أنّ الجهة الوحيدة القادرة على إغلاق هذه الأنفاق هي غير إسرائيلية.
اللافت في المهرجان كان غياب الأفلام التي تتناول الشأن العراقي، فهل هي مجرّد مصادفة؟ أم الجمهور الهولندي بعيد عن تلك المأساة لكون دولته لا تملك مصالح استراتيجية معلنة في بلاد الرافدين.