strong>زينب مرعي واقعنا العربي معروض هنا في إطار ساخر. من حرب العراق والتشدّد الديني إلى دكتاتوريّة الأنظمة والفقر وقمع الحريّات... 31 فناناً كاريكاتورياً عربياً أعادوا قولبة الواقع على نحو ساخر، ضمن معرض «...بين الجدّ واللعب» الذي دعا إليه «متحف النسيان» في السويد، وجريدة «السفير». المعرض الذي ينظّمه رسّاما الكاريكاتور سعد حاجو وسحر برهان، إلى جانب كوستا أكونومو، وإريك بيرغرين، أقيم أخيراً في «قصر الأونيسكو» في بيروت ويستمر لغاية 12 كانون الأول (ديسمبر) المقبل في جامعة «نوركوبينغ» السويدية. ورغم أنّ «... بين الجدّ واللعب» يدور حول حريّة التعبير بالأساس، إلّا أنّه ينأى بنفسه عن النقاشات المعتادة حول علاقة الفن بالسياسة، وحرية التعبير، كما أثارتها قضيّة الرسوم المسيئة للرسول التي نشرتها عام 2005 جريدة «يوللاندبوستن» الدنماركيّة، إضافةً إلى رسوم السويدي لارش فيلكس. كما يبتعد المعرض عن النظريّة التبسيطيّة القائلة بأنّ الغرب هو مهد حرية التعبير والتسامح، فيما الدول العربيّة والإسلاميّة صنو للقمع والأصوليّة المتطرّفة.

رسوم لناجي العلي وعلي فرزات وكتاب لمحيي الدين اللباد

يندرج هذا التوجّه ضمن الأهداف التأسيسيّة لـ«متحف النسيان» الذي شيّد عام 2007، لعرض ما تتناساه السلطات السياسية. ويركّز المتحف على موضوع حريّة التعبير من خلال الرسم الكاريكاتوري في العالم العربي. الأعمال المعروضة لفتت الانتباه إلى فنّ لا نعيره الكثير من الأهميّة. من خلال رسوم ناجي العلي، وعلي فرزات، وأحمد حجازي، وجورج بهجوري، وحسن حاكم، وبهجت عثمان، وسعد حاجو... ذكّرنا «بين الجد واللعب» بأنّ الرقابة التي تحاصر هذا الفن في العالم العربي، لم تحُل دون قول هؤلاء الفنانين ما يريدونه. معظمهم عالج أحداثاً سياسية موقتة، لكنّهم نجحوا في منح حياة طويلة للرسم، لا تنتهي بانتهاء الحدث.
من جهة ثانية، أضاء المعرض على كيفيّة تأثر جو النشر بالأوضاع السياسية في العالم العربي. قليلة هي كتب الكاريكاتور التي نجدها في المكتبات. وهنا طرح السؤال حول حدود هذا الفنّ، بالمقارنة مع أبواب التواصل الإلكتروني والإعلامي المشاعة والمتوافرة للجميع.
لكنّ معرض «بين الجدّ واللعب» أضاء على بعض كتب الرسم الكاريكاتوري، فخصص زاوية لرسوم مأخوذة من كتاب «مئة رسم وأكثر» لمحيي الدين اللباد، و«بهجاتوس: تعليم الدكتاتورية للمبتدئين» لبهجت عثمان، وغيرها. ويحيل بعض رسامي الكاريكاتور قلّة الكتب المتخصصة في هذا النوع من الفنون، إلى عدم اهتمام دور النشر بها، إضافةً إلى ارتباط الكتاب في الذهن العربي بالقراءة والكتابة. إذ إنّ النص لم يرتقِ بعد إلى مصاف الفرجة.