هالة نهراتميّزت بتقنيّات عدّة، اجترحت مساحة هرمونية للخروج من دائرة الكتابة الأفقية للقانون، والتعدّد النغميّ المتّسم بطابع أفقي hétérophonie. لا تراهن على الإبهار والاستعراض، ولا تسمح لأحد بالتطرّق إلى تفاصيل علاقتها بالقانون. هكذا هي إيمان حمصي، تفاجئك بتكتّم غير مبرّر، فيما تستفيض في الحديث عن ابنتيها ساره وتاليا...
كلّما ازدادت خبرة، ترتدّ إلى التراث. تسعى إلى الجمع بين الارتجال والتدوين، والتقليد والحداثة. برنامج حفلتها «لمن يغنّي القانون؟» مساء السبت المقبل في «جامعة البلمند»، يشي بانعطافة نحو الطرب. إلى جانب «البنت الشلبية» (من الفولكلور اللبناني) و«سماعي شدّ عربان» (لجميل بيك الطنبوري)، ستؤدّي حمصي مقطوعات من تأليفها، وأغنيات لبنانية ومصرية مألوفة. الحفلة التي يتخلّلها عرض فيديو (من إخراج فريد عسّاف)، لن تكون عادية. تستعد إيمان لعزف أبسط الأغاني («تفتا هندي»، مثلاً) بطريقة مغايرة. قد يستغرب بعضهم اعتمادها على تقنية العزف بالأصابع العشر في أغنية «الورد جميل» لأمّ كلثوم (مقام راحة الأرواح). لعلّها تمرّر تقنيّات مشابهة في «آمنت باللّه» (للور دكّاش) لأنّها تحمل روحاً طيّعة وأصيلة، فيما تبدو مقطوعاتها الثلاث («سارة»، و«تاليا»، وI.R.M) أقلّ دسامة وشعبية.
لم تذب حمصي في تيّار أكاديمي موهوم بإمكان عصرنة الموسيقى العربية من خلال استعادة سوناتات باخ وموزار. عزفت بعضاً من مقطوعات المؤلّفين الأوروبيين، لاستنباط طرق وتقنيّات قابلة للتطبيق على نصّ موسيقي شرقي. صاحبة «اللورد قانون»، لم تقع في مطبّ الإسقاطات الهارمونية الجاهزة على المقام العربي، ولم تدّع التأليف. حتّى مقطوعة I.R.M (توزيع طوني عنقا) لا تُعدّ تأليفاً، بقدر ما هي استحضار لتجربة معيشة.

لم تقع في مطبّ الإسقاطات الهارمونية على المقام العربي
لم تتحرّر حمصي من أمكنتها الأولى. «بدأتُ العزف في سنّ السابعة، وخبرتُ وجودي من خلال آلتي». تستمدّ مقطوعة «بين أمّي وأبي» من أحاديث والديها. تنسى نفسها حين تحدّثك عن فيروز: «أشعر برهبة كلّما رافقتُها، ويكفيني أن أكون عازفة في فرقة السيّدة، حتّى لو لم أحقّق شيئاً من أحلامي». تتلمذت إيمان على يد محمّد السبسبي في «المعهد الوطني العالي للموسيقى»، حيث تدرّس حاليّاً وفق منهج نهاد عقيقي. لها مواقف واضحة من مسائل مثيرة للجدل في الموسيقى العربية (إغفال التقاسيم، مثلاً). أسطوانة «اللورد قانون» تثبت ذلك، إذ إنّها تتضمّن تقاسيم على النهوند، والبياتي، والراست، وعجم عشيران. «أحلم بكتابة كونشرتو للقانون والأوركسترا»، تقول مضيفةً: «التقنيّات وسيلة لا غاية، وهذا ما لم يدركه بعض الموسيقيين في عصر مأزوم». تتهيأ حمصي حالياً لكتابة منهج حديث للقانون، وإن لم يتبنّه الكونسرفاتوار!


7:30 مساء السبت 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري ـــــ «جامعة البلمند» (الكورة/ شمال لبنان). للاستعلام: 06/930250