كان يحلم بأمة إسلامية موحّدة في مواجهة مشاريع الغرب الاستعمارية، وذلك باستحضار أمجاد انطوت تحت سطوة التمزّق والانغلاق على حدود جغرافية ضيّقة. سعى إلى تشريح ما لم يتمكن من تحقيقه شعرياً، بمبضع فلسفي، مستمداً أطروحاته من نظريات شرقية، خصوصاً أنّه تعلّم الفارسية والعربية إلى جانب الأوردية. ما فتح أمامه آفاقاً معرفية، أسهمت في رفد ثقافته الموسوعية.
لم يقع صاحب «أسرار الذات»، و«صلصلة الجرس»، في إسار البريق الأوروبي، خلال دراسته الفلسفة والاقتصاد في جامعتي «كمبريدج» ثم «ميونخ»، طريقاً أوحد للنهوض. على العكس، راح يفتش عن جوهر الحضارة الإسلامية بوصفها ديناً متسامحاً، وليس منغلقاً على نفسه. هكذا اشتغل بحماسة وعقلانية على حقل فكري شائك، داعياً
دعا إلى فتح باب الاجتهاد على مصراعيه
لعل عنوان كتابه «والآن ماذا ينبغي أن نفعل يا أمم الشرق؟»، يعبّر عن تطلعاته الكونية، بعيداً عن المذاهب الضيّقة، والحروب القبلية، والنزاعات التي مزّقت مركزية الثقافة الإسلامية. سؤال لا يزال ملحّاً إلى اليوم، في ظل التنابذ الذي يشهده الإسلام بطوائفه المتعددة. لن نجد في أشعار إقبال حيث تبقى «حديث الروح» أكثر قصائده شيوعاً في العالم العربي، ذلك العمق الجمالي الذي نجده لدى شعراء شرقيين آخرين، مثل حافظ الشيرازي أو عمر الخيّام. يعود ذلك على الأرجح إلى ضآلة ما عُرب له من نتاجه، إضافة إلى الاكتفاء بنصوصه الدينية (11 ديواناً)، أو لانهماكه بالمعنى على حساب الصورة الشعرية. إن احتفاء «المعهد الألماني للأبحاث الشرقية»، اليوم في بيروت، بهذا الشاعر والمفكر الإسلامي يعيدنا إلى سؤال: متى تهتم المكتبة العربية بالآداب الشرقية، وتضعها في مكانة تضاهي ما تحتله الترجمة عن اللغات الأخرى؟