أزمة «المونديال» بين القناة القطرية والحكومة الأردنية تتواصل بطرق طريفة، بعدما دخلت موسيقى الـRAP على الخط. هل هي قصّة «رمّانة» أم قصّة «قلوب مليانة»؟
عمان ــ أحمد الزعتري
«من أول مباراة بدأت الأسافين، وقناة «الجزيرة» مش عارفين مين. شكّوا بالأردن وشعبها الأمين، مفكرين الجيش عارفين وساكتين». في أغنيتهما «تشويش» التي تنتمي إلى الراب، يختزل الموسيقيان الأردنيان همام عمّاري ونديم مصري الموقف الرسمي والإعلامي الأردني من قضية «الجزيرة»: أغنية ركيكة، طبخت على عجل. وقد جاءت هذه الأغنية الجديدة لتضاف إلى لائحة الردود التي انطلقت عقب اتهام القناة القطرية الأردن بأنّه كان مصدر «التشويش» على بعض مباريات كأس العالم من مدينة السلط غربي عمّان.
في الواقع، لم يكن تعامل «الجزيرة» مع قضيّة التشويش على قنواتها الرياضيّة أقل ركاكة. منذ أن نشر إيان بلاك مقاله الشهير في جريدة الـ «غارديان» (29 أيلول/ سبتمبر 2010)، والمحطة القطرية لا تزال تستخدم الطريقة نفسها في تسريب المعلومات والوثائق، كأنها تعمَد إلى جسّ نبض الموقف الرسمي الأردني. علماً بأنّ بلاك لمّح في مقاله إلى أنّ الحكومة افتعلت التشويش ردّاً على فشل صفقة شراء حقوق بثّ كأس العالم. لكن إلى أين وصلت القضيّة الآن؟ بعدما أعلن مصدر في الحكومة استعدادها «للتعاون مع أي فريق من الخبراء المحايدين لفحص الحقائق»، تراجع وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال علي العايد عن هذا الموقف. هكذا، رفض في كتاب رسميّ «تأليف لجنة مستقلّة للتحقيق في التشويش»، وبرّر الموقف بأنه «لا يمكن أي حكومة أو جهة دولية أن توافق على تأليف لجنة مستقلة بناءً على مجرد ادعاءات عامة». وأبدى استعداداً رسميّاً «للنظر في أي إجراءات رسميّة»، شرط توافر الأدلة على قصة التشويش. وجاء ذلك رداً على طلب «الجزيرة» تأليف لجنة تضمّ «ممثلين عن الجهتين، وخبراء دوليين، وممثلين عن الفيفا». وحتى هذه اللحظة، ترفض «الجزيرة» تسليم «أدلتها» مباشرة إلى الأردن، بل عبر اللجنة المستقّلة. وهذا ما يثير حفيظة الردود الرسميّة.

راح الفنانان هشام يانس ونبيل صوالحة يقلّدان فيصل القاسم بركاكة

يمكن فهم الموقف الأردني على أنه ردّ على جملة واحدة أتت في مقال بلاك فقط ولم تدورها أو تستغلّها «الجزيرة» لاحقاً، وهي «لا يمكن أن يكون التشويش قد حصل من دون علم السلطات الأردنيّة». ومع ذلك، ينزع الطرفان إلى التخفيف من اللهجة، والابتعاد عن تضخيم قضية التشويش، وتحويلها إلى أزمة سياسيّة بين الأردن وقطر، أو حتى بين الأردن و“الجزيرة”.
ربما لذلك، أدارت القناة القطرية معركتها من على صفحات الـ«غارديان» البريطانيّة، وعلى لسان كبير مراسلي الشرق الأوسط فيها إيان بلاك. ورغم محاولات «الأخبار» التواصل مع بلاك، إلا أنه يرفض التعليق، ويكتفي بما نشره في الجريدة.
أما الوثيقة الوحيدة التي تلوّح بها «الجزيرة» حتى الآن، فهي خبر صحافي صدر عن شركة Integrated Systems في ولاية ميريلاند الأميركيّة، المتخصّصة بالمساندة التقنيّة للبثّ الفضائيّ. وقد حدّدَت هذه الأخيرة موقع التشويش بنسبة خطأ 2 إلى 3 كيلومتر، في منطقة جلعاد الحرجيّة بالقرب من مدينة السلط (غربي عمّان).
على أيّ حال، يبدو أن الحكومة الأردنيّة تدير القضيّة باعتدال ومن دون اندفاع، رغم الاستماتة الغريبة على الصعيد الإعلامي.
هكذا، يذكر الأردنيون جيّداً الارتجال الهزلي الذي حدث على التلفزيون الرسمي ردّاً على حلقة من برنامج «الاتجاه المعاكس». وقتها، انبرى الفنانان هشام يانس ونبيل صوالحة لتقليد فيصل القاسم بركاكة. أما أغنية «تشويش» فتبشّر بدخول الراب على «خط المواجهة»، مذكرةً القناة القطرية: «ليش يا جزيرة تتهمونا، إحنا بالأردن بنحب الكرة وكمان، فلامونا».