بات من المؤكد أن سنة 2010 لن تحجز لها مكاناً في ذاكرة السوريين، أقلّه من الناحية الإعلامية. مرّ هذا العام مرور الكرام من دون أحداث صحافية غير اعتيادية. وقد يكون العنوان العريض للعام هو إعداد مسوّدة «قانون الإعلام الإلكتروني» من قِبَل وزارة الإعلام السورية ووزارة الاتصالات، ثمّ إقراره في مجلس الوزراء، وتحويله إلى مجلس الشعب في انتظار التصويت عليه، ليصبح بعدها قانوناً نافذاً. وتزامناً مع هذه الإجراءات، تعالت أصوات كثيرة مندّدة بالمسوّدة ومعتبرة إياها أداة لتقييد الحريات التي تمتعت بها الصحافة الإلكترونية، مقابل الصحافة المطبوعة التي تخضع لرقابة حديدية.من جهة أخرى، بعد تنبّه المسؤولين إلى النجاح الذي حققته الدراما السورية، قررت الحكومة العمل على حماية الصناعة السورية الوحيدة التي حقّقت رواجاً عربياً. هكذا صدر مرسوم جمهوري ينص على إنشاء مؤسسة عامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، على أن تكون هذه الأخيرة هيئة مستقلة تتبع لوزارة الإعلام السورية. وقد تسلّمت إدارتها الكاتبة والإعلامية ديانا جبور، وبدأت بالإعداد فعلياً لإنتاج حوالى خمسة مسلسلات درامية بميزانية جيدة، أوّلها مسلسل «المنعطف».
أما الحدث الثالث فكان على مستوى الإعلام المرئي، وتمثّل في إطلاق البث التجريبي لقناة «الإخبارية». وهي المحطة السورية الإخبارية الأولى، ويديرها فؤاد شربجي، بعدما قدّم استقالته من تلفزيون «الدنيا».
إذاً بدأت «الإخبارية» عملها الميداني من المهرجانات والأحداث الفنية المهمة، لتعرض تقارير مصوّرة... وحتى الساعة تبدو استقلالية هذه المحطة شبه مستحيلة، بما أنها جزء من منظومة الإعلام السوري الرسمي الذي يأخذ على عاتقه تلميع صورة الحكومة والدفاع عنها، مصيبة كانت أو مخطئة. وفي السياق ذاته، افتتح هذا العام «المركز الإخباري السوري» الذي تُبثّ منه كل النشرات الإخبارية على المحطات السورية. ومع إطلاق «الإخبارية»، بات المركز جزءاً من مقرّها، على أن يعود بثّ نشرات الأخبار السورية من داخل «التلفزيون السوري» بعد ترميم استديو الأخبار فيه. بالتزامن مع كل ذلك، علمت «الأخبار» أنه يُعمل حالياً على تجهيز قائمة بحوالى ألف موظف في التلفزيون الرسمي يعملون بنظام «البونات» (عقود موقتة) وغيرهم لإنهاء التعاقد معهم قريباً.
من جهة أخرى، لا تزال مؤسسات رجل الأعمال السوري النافذ رامي مخلوف تعمل على تجهيز استوديوهات ضخمة لإطلاق قناة «نينار» التلفزيونية بعدما أطلقت إذاعة فنية تجارية تحمل الاسم نفسه. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن حالة الإعلام السوري المسموع بقيت على ما هي عليه. الترخيص الذي تمنحه وزارة الإعلام السورية لإنشاء إذاعة محلية هو فني تجاري، ولا يمكن الاحتيال عليه لتقديم مادة إعلامية ذات مستوى عالٍ، إلا بجهود مضنية، مع التخوّف من عقلية الرقيب الجاهزة دائماً للمنع من دون حاجتها إلى تقديم مبررات.
وعلى صعيد الحريات، بدت أحداث هذا العام تمشي بتسارع شديد نحو مزيد من التضييق، وبطريقة مبتكرة لا يمكن تحديد ملامحها بوضوح. إلا أنه يمكن متابع الشأن السوري أن يخلص إلى أن الإعلاميين السوريين باتوا يضعون لأنفسهم خطوطاً حمراً وحواجز رقابية أكثر مما ينبغي، وأكثر مما هو مطلوب! قد يأتي تخوّف الإعلاميين الزائد من التحفظات الأمنية المتشددة في سوريا. في هذا الإطار، تبقى قضية اعتقال المدوّنة الشابة طل الملوحي تشغل الرأي العام السوري والعربي، وحتى المنظمات الحقوقية الدولية، إذ إنّ الغموض يلفّها، ولم تقدّم السلطات تبريرات واضحة أو مقنعة لسبب اعتقالها.