تعهّد رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي أمام مجلس النواب «بدعم حرية الإعلام واستقلاليته وفق معايير واضحة تنسجم مع أفضل الممارسات العالمية». لكن الرفاعي لم يشرح ما هي «أفضل الممارسات الإعلامية» بل اكتفى بخطابه هذا لنيل ثقة البرلمان. إذاً يبقى تعاطي السلطة مع ملف الإعلام سطحياً. مثلاً، لم نعد نسمع بقضية تلفزيون ATV الذي اغتيل رسمياً... كذلك يتجاهل الجميع الرقابة المسبقة غير المعلنة على الصحف، وموجة التعصّب الوطنيّ التي تبثّ على الإذاعات.

ولا تقف المشاكل هنا، بل إن بعض الصحافيين الموالين يتبرّعون بالتضييق على الأقلام الخارجة عن سيطرة الحكومة. في هذا الإطار اتّهم رئيس تحرير أسبوعية «المجد» فهد الريماوي، رئيس تحرير جريدة «الرأي» الرسميّة ونقيب الصحافيين عبد الوهاب زغيلات بإيقاف طباعة جريدته في مطابع «الرأي». كذلك اتهم رئيس تحرير جريدة «الغد» المستقلّة موسى برهومة جهات حكوميّة بالضغط على ناشر الصحيفة لإقالته.
أما المواجهة الحقيقيّة، فوقعت عندما حاولت الحكومة إمرار «قانون جرائم أنظمة المعلومات» في غياب مجلس النواب. ونص مشروع القانون على مواد تجيز تفتيش المنازل والمكاتب من دون إذن المدعي العام... إلا أن الحملة المعارضة للقانون نجحت في تعديله. كذلك اضطرّ الإعلام الأردني إلى التعامل مع اتهام قناة «الجزيرة» للأردن بالتشويش على نقلها لمباريات كأس العالم. ثمّ عادت المشاكل لتلاحق القناة القطرية بعد اتهامها بـ«إثارة الفتن الإقليميّة» بين الأردنيين من أصل فلسطيني، والشرق ـــــ أردنيين.
في النهاية، لا يمكن «دعم حريّة الإعلام واستقلاليّته» في ظل تفشّي الرقابة، وتراجع دور جريدة «الغد» التي قدمّت نفسها على أنها صحيفة ليبراليّة مستقلّة. هذا الوضع أدى إلى خلق مخبرين وحراس للدولة والأخلاق. وقد يكون أحد أبشع نماذج حراسة الأخلاق مقالة كتبها عدنان الروسان بعنوان «إعرفوا إحنا ولاد مين، أنت ابن مين يا قواد»! ولمن التبس عليه الأمر، فإن المقالة كانت تعليقاً على خبر إيقاف الأمن لحفلة نظّمها مثليّون في عمّان.