فيما شهد اليمن في 2010 تراجعاً ملحوظاً على جبهة الحريات الإعلامية، اختارت «نقابة الصحافيين» منح الرئيس علي عبد الله صالح درعاً تكريمية «تقديراً لدوره في رعاية الصحافة والصحافيين»! يختصر هذا التناقض الصارخ البيئة التي تعمل فيها السلطة الرابعة في «العربية السعيدة». هنا، لا يزال خطف الإعلاميين مستمرّاً، ولا يزال يُستخدم التعذيب للضغط عليهم. هكذا بقيت قاعات محاكمة الصحافة مفتوحة، رغم أنها مخالِفة للمادة 138 من الدستور الذي يمنع إنشاء المحاكم الاستثنائية.ولعلّ عبد الإله شائع هو أبرز ضحايا هذا التضييق على الإعلام. اختطفه من منزله مجهولون ليتّضح لاحقاً أنه بات في عهدة السلطة. وكان شائع قد تعرّض لاختطاف مماثل في تموز (يوليو)، بعدما اقتيد إلى مبنى الأمن السياسي في صنعاء قبل أن يُفرج عنه في اليوم التالي بعد سرقة حاسوبه الشخصي. وحتى الساعة، لا يزال شائع يحاكم بتهمة «العمل مستشاراً إعلامياً لتنظيم «القاعدة» في اليمن»، رغم رفضه التعامل مع المحكمة الجزائية، معتبراً أنها غير مختصة في النظر في قضايا الصحافة. ويحصل ذلك رغم إعلان الرئيس اليمني في أيار (مايو) فتح «صفحة جديدة مع الصحافيين» والإفراج عن كل الصحافيين المسجونين. وقد شهد هذا العام «انفراجاً» في قضية رئيس تحرير موقع «الاشتراكي. نت» المعارض، محمد المقالح. بعد أربعة أشهر من اختطافه، اعترفت السلطة بأنه موجود في سجونها.
ومن الصحافيين إلى الصحف، لم تتردّد الحكومة في إقفال جريدة «الأيام» (تأسست سنة 1958). ولا تزال اليومية العدنية ممنوعة من الصدور حتى الساعة. طبعاً تصرّ السلطة على أنّ إغلاق هذا المنبر سيخفِّف من وهج الحراك الجنوبي. وهو أمر غير صحيح وغير ممكن.
ولم يكن العاملون في الإعلام المرئي في منأى عن كل ما يحصل. فقد اقتحمت السلطة مكتب قناة «الجزيرة» وصادرت أجهزة البث المباشر بحجة عدم امتلاك القناة ترخيصاً يسمح بدخولها إلى البلاد! وفضائياً أيضاً برزت هذا العام قناة جديدة هي «العقيق» التي يملكها مقرّبون من القصر الرئاسي وتبثّ من القاهرة. لكن سرعان ما وقعت المحطة في عدد من الإشكاليات: من الرتابة إلى المشاكل المالية. وكان الهدف من إنشاء هذه الفضائية الوقوف في مواجهة قناة «سهيل» التي يملكها الملياردير القبلي المعارض حميد الأحمر.
وحتى الساعة، لا يبدو أن العام المقبل سيكون أفضل، إذ إنّ مجلس النواب يوشك على التصديق على قانون الإعلام الجديد الذي ينص على عقوبات تصل إلى الإعدام، إلى جانب محاكمته النيّات من خلال عبارات مطّاطة...