لم يكن فجر 2010 قد بزغ حين جاءت فتوى جواز الاختلاط، لتلقي بظلها على الصراع المحتدم بين التيارين المتشدد والحداثي، كأنما تنبئ بذلك عن ملامح العام. قبل أيام فقط من بداية 2010، أعطت فتوى الشيخ أحمد الغامدي زخماً جديداً للتحولات التي تشهدها المملكة، انطلاقاً من رمزية الغامدي الذي يشغل منصب مدير هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في مكة. وقد شقّت فتواه بجواز الاختلاط وحدة التيار السلفي المتشدد. ولعلّ 2010 كان عام الفتاوى. صحيح أنّ فتاوى متشددة برزت مثل فتوى هدم الحرم المكي وأخرى غريبة مثل «إرضاع الكبير»، لكن فتاوى أخرى وجدت طريقها الى النور مثل جواز كشف المرأة عن وجهها وقيادة السيارة، وأخيراً فتوى أحمد الكلباني بجواز الغناء والرقص.لكن 2010 كان عام الرواية السعودية أيضاً. نال عبده خال جائزة «بوكر» العربية عن «ترمي بشرر». مع ذلك، كان عنوان الرواية المقتبس عن آية قرآنية سبباً لمنعها من معرض الرياض. كذلك، شهد العام دخول الروائية رجاء عالم في القائمة القصيرة لـ«بوكر» عن رواية «طوق الحمام» (المركز الثقافي العربي) وهي مرشحة مع بداية 2011 لتكرار الفوز السعودي بهذه الجائزة. على صعيد الجوائز أيضاً، برز إشكال يخص «جائزة زايد للكتاب»، إذ سُحبَت الجائزة من الجزائري حفناوي بعلي بعد اتهامه بسرقة مقاطع كاملة من كتاب عبد الله الغذامي «النقد الثقافي: قراءة في الأنساق الثقافية العربية». وعلى أثرها، قدّم الغذامي استقالته من الهيئة الاستشارية للجائزة رغم أنّه لم يشارك في لجنة التحكيم.
في 2010 أيضاً، رحل أحد رموز الرواية السعودية الوزير الليبرالي غازي القصيبي. كان الكاتب السبعيني يحظى بتقدير القوى التقدمية في السعودية لجرأته في تناول مشاكل المجتمع السعودي المحافظ. لذلك، فالكثير من كتب القصيبي ــــ العدو اللدود لأنصار التيار المحافظ ــــ كانت محظورة في السعودية ولم يتخذ قرار رسمي بالسماح ببيعها إلا عندما كان يرقد على سرير المستشفى. وفي المقابل أصدر «المركز الثقافي العربي» في بيروت كتابين نقديين: الأوّل للأديب والصحافي الراحل أحمد عبد الغفور عطار (1916–1991) بعنوان «بين السجن والمنفى»، والثاني هو «مثقفون وأمير» للكاتب والمناضل المعارض محمد سعيد طيّب.
وعلى رغم بروز تيار ديني داعم للانفتاح والحداثة والفنون، إلا أن الدورة الرابعة من «سوق عكاظ» خيّبت آمال الداعمين للمرأة، بعدما وقفت الشاعرة الجزائرية زينب الأعوج وأعربتْ عن رغبتها في إلقاء قصيدة على المنبر، متحدّية جدار الفصل الجنسي المفروض على جمهور المهرجان. لكنّ عريف الاحتفال زجر الأعوج، طالباً منها الجلوس على مرأى من المثقفين والشعراء الذين لم يحركوا ساكناً. في المحصلة، يبدو الوضع الثقافي السعودي هذه السنة أكثر حيوية. لكن هذا لم يكن ضمن خطّة ومنهجية محددة، بل جاء نتيجة جهود فردية. لكن الجدل والضجة ـــــ بغض النظر عن أسبابهما ودوافعهما وما يعكسانه من واقع متخلف أحياناً ـــــ يظلان أفضل ألف مرة من ركودٍ لا يُعوّل عليه.