الرباط| «هذه المرة الأولى التي أُكرَّم فيها في بلدي المغرب»، هذا ما أكده الروائي والشاعر المغربي الطاهر بن جلون لحظة تسلمه لجائزة «الأركانة العالمية للشعر». الجائزة التي يمنحها «بيت الشعر في المغرب»، و«مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير»، بدعم من «وزارة الثقافة المغربيّة» و«مسرح محمد الخامس»، منحت سابقاً للشاعر الصيني بيي ضاو (2002)، والمغربي محمد السرغيني (2004)، والفلسطيني محمود درويش (2008)، والعراقي سعدي يوسف (2009).
وقد اختار «بيت الشعر في المغرب» اسم الأركانة تيمناً بشجرة فريدة لا تنبت إلا في المغرب، وتحديداً في جنوبه الشاسع، بين الأطلس الكبير وحوض ماسة. وابتدع «بيت الشعر» هذه الجائزة كـ«جائزة للصداقة الشعرية، تُقَدَّم لشاعر حقَّق تجربة منفردة في الحقل الشعري الإنساني، وما زال يدافع عن قيم الاختلاف والحرية والسلم. جائزة يحيِّي بها المغاربة كل شعراء العالم، ويتقاسمون من طريقها حبهم للشعر وسهرهم عليه».
وبدا الطاهر بن جلون ليلة تسلم الجائزة فرحاً بعودته إلى بلاده، وبعودة نصه إلى لغته، وخصوصاً أنّ الناقد خالد بلقاسم عرَّب مختارات من شعره في كتاب أنيق، يحمل عنوان «ظلال عارية»، وقّعه الروائي قبل حفلة تسلّمه للجائزة.
في تلك الليلة، وقف إلى جانبه أصدقاؤه الشعراء المغاربة، من يكتبون بالعربية ومن يكتبون بالفرنسية، على حدٍّ سواء، لتكون «الأركانة» قد وحدت شتاتاً قلّما يلتقي أو يلتئم. وهذا ما أشار إليه رئيس «بيت الشعر في المغرب»، الشاعر نجيب خداري، حين أكد أن الجائزة «تجاوزت الرمز إلى الفعل». أما لجنة التحكيم التي يرأسها الشاعر محمد السرغيني فقد بررت منحها الجائزة لبن جلون لممارسته «الكتابة الشعرية والسردية قرابة نصف قرن»، ولقدرته على إدارة حوار سري بي هذين الجنسين الأدبيين، وجعل كل منهما يتغذى من الآخر. هذا إلى جانب «حيوية سؤاله الأدبي الذي يطرحه في نصوصه، ودفاعه عن قيم الحرية والكرامة والإبداع، وارتباطه بأسئلة الإنسان الكونية»... وربما لهذا السبب ظهر اسمه أكثر من مرة ضمن الأدباء العالميين المرشحين لجائزة نوبل للأدب.
وفي كلمة ألقاها بن جلون بالفرنسية، وترجمها إلى العربية الناقد والأكاديمي الدكتور عبد الرحمن طنكول، أكد بن جلون أنه ينحدر من بلد الأسئلة فيه كثيرة، حيث الشعر ليس موسيقى تصاحب الغروب، بل الكاتب «شاهد يقظ ومسؤول». وبشيء من الحسرة قال إنه كان يتمنى لو يكتب لتزجية الوقت، والتغني بجماليات العالم، والاحتفاء بالزمن السعيد، لكنّ «السعادة ليست بحاجة إلى الأدب، والحياة صراع يقتضي كل يوم إنقاذ روحنا، وأحياناً أجسادنا».