أكثر من 300 باحث متعددي الاختصاصات ومن جنسيات مختلفة، شاركوا في نقاش تناول 150 ورقة قُدِّمت خلال المؤتمر الثاني عشر لـ«المؤسسة العالمية لدراسة البيئات التقليدية» (iaste) التي أقامت دورتها هذا العام في الجامعة الأميركية في بيروت. على مدى أربعة أيام اختتمت يوم السبت الفائت، كانت «يوتوبيا التقاليد» موضوع بحث انكبّ عليه أكاديميون من جامعات كاليفورنيا، وماساتشوستس، ولندن، وإيطاليا، وسويسرا، والهند، والصين وغيرها. دورة هذا العام سعت إلى دراسة الكيفية التي تغيّر عبرها التقاليد المجتمعية مفاهيم ونظريات اليوتوبيا في القرن الحادي والعشرين. نظريات طوباوية وخطط الخروج من علاقة تكافلية مع التقاليد المعقدة التي تستند إلى مفاهيم مثالية، إذ في الواقع، لا يمكن فهم اليوتوبيا (اللا ـــــ مكان) من دون سبر أغوار التقاليد التي تطوّرها، والرجوع إليها في دراسة التحوّلات المدينية.
بوصفها «المكان المثالي»، تعتمد اليوتوبيا على التقليد، لكن مثل اللا ـــــ مكان، فإنّها تأتي كمحاولات لنفي ذلك، على الرغم من أنّ معظم اليوتوبيات ومظاهرها المكانية تحاول في كثير من الأحيان جعل التقاليد التي خلقت هذه المساحات والفضاءات المدينية ثابتة وجامدة كأن لا دور لها في عملية التحول والابتكار.
إنّ هذه الحقبة المعاصرة للأزمة الاقتصادية تستدعي إعادة النظر في الدينامية بين جغرافية المكان والتقاليد. لم يعد لمصطلح «يوتوبيا» على النحو المهني المشار إليه، الوقع نفسه الذي كان له في العقود الماضية، ومع ذلك، فإن المهندسين المعماريين والمخططين المدنيين إضافة الى السياسيين وعلماء الاجتماع والاقتصاديين، ما زالوا في رحلة البحث ونشر مفاهيم لأشكال مثالية من المدن والمجتمعات ينظّمها العرق أو الدين أو الهوية وفق بعض الأمم الحديثة التي تستخدم العديد من مساحات الأراضي لتكريس رؤية لمجتمع مثالي مبنية على تقاليد معيّنة. إنّ موضوع استمرارية التقاليد المجتمعية وتعزيزها تحت مظلة اليوتوبيا، ينظر إليه لتوفير التركيز على تجمعات مغلقة جديدة في العالم النامي، وناطحات سحاب خيالية في المدن في أنحاء منطقة الخليج الفارسي والمحيط الهادئ، والمنازل الكولونيالية المنسوخة في الضواحي الأميركية. من ناحية أخرى، هناك توجّهات ودعوات الى إعادة تركيز مفهوم اليوتوبيا نفسها، لا بصفتها منتجاً بل عملية مفتوحة تهدف إلى التحول، بدلاً من تجاوز الشروط القائمة. وركّز المؤتمر على موضوع اليوتوبيا والتقليد في القرن الحادي والعشرين مع ورقات في ثلاثة مسارات مختلفة.
http://iaste.berkeley.edu