اختُتمت الدورة الخامسة لـ«ملتقى القاهرة للرواية» بمنح الروائي الليبي إبراهيم الكوني جائزة الملتقى. تُمنح هذه الجائزة مداورةً لروائي مصري، وروائي عربي، وكان قد حصل عليها سابقاً عبد الرحمن منيف، والطيب صالح، وإدوار الخراط، واعتذر عن عدم قبولها صنع الله إبراهيم. فعاليات الدورة الخامسة عُقدت على مدى أربعة أيام في القاهرة، مقدّمةً للاحتفال بمئوية نجيب محفوظ، ودارت مناقشاتها تحت عنوان «الرواية العربية... إلى أين؟».الناقد السوري صبحي حديدي أعلن في كلمة لجنة التحكيم أنّ الجائزة مُنحت للكوني تقديراً لانشغاله «بتطوير مشروع روائي طموح وأصيل، يبدأ من استنطاق فضاءات الصحراء في شتى عناصرها الطبيعية والبشرية والروحية والأسطورية، ويبلغ في هذا درجة رفيعة من المزج البارع بين المحسوس والرمزي، وبين الواقعي والمتخيّل، وبين الماديّ والروحي...». من جهته، أعلن صاحب رباعيّة «الخسوف» تبرّعه بقيمة الجائزة (18 ألف دولار تقريباً) لأطفال قبائل الطوارق في مالي والنيجر.
شهدت الدورة الخامسة للمؤتمر مشاركة كثيفة للكتّاب الشباب، ليس كضيوف هامشيّين، بل كمداخلين على منصّات المؤتمر بجوار المكرّسين. سؤال المستقبل كان الأهم في المناقشات، وفق ما أوضح الناقد جابر عصفور في كلمته: «في العالم الذي انقلب رأساً على عقب، نودُّ أن نعرف ما حلّ بالرواية، وما الذي يمكن أن يتأثّر به هذا الفن في زمن الانفلاتات، بعدما اشتدت النزاعات العرقية، وتعدّدت الجنسيات؟». الإجابات عن سؤال عصفور كانت «متشائمة»، وصل بعضها حدّ اعتباره مؤتمر تأبين الرواية العربية. هكذا، تساءلت الروائية سحر خليفة: «كيف لنا أن نسترجع القرّاء، ونعيد البوصلة المفقودة؟» الناقد محمد بدوي أشار في مداخلته إلى أنّنا لا نعيش زمن الرواية بل «زمن السرد التلفزيوني». وأنّ الروائي تخلّى عن دوره المعرفي، ليصير «صانع حكايات». الروائي جمال الغيطاني رصد حالة الفوضى في المشهد الروائي. فـ«الرواية استُبيحت وفقدت معاييرها الفنية المتعارف عليها، وأصبح من السهل أن يطلق كاتب كلمة «رواية» على نص لا ينسب في الأساس لإبداع الرواية». الروائي محمد صلاح العزب من جهته، رأى أنّ الإنترنت أسهم في إحداث خلل في ذوق القارئ.
إلى جانب البحث في مستقبل الرواية، جرى التطرق إلى الرواية باعتبارها حريّة بديلة. الناقدة السعودية بدريّة البشر أكدت أن ما حدث في سوق الرواية السعودية، كان أشبه بسقوط جدار برلين. الغزارة في الكتابة رفعت معايير الرقابة على بعض الروايات التي كانت تقابل من المؤسسات الدينية السعودية بالتكفير والتحريم. أما الناقد فيصل دراج، فتساءل: «ماذا تفعل الرواية في بلاد لم تعد فيها حريّة؟». الروائي الجزائري واسيني الأعرج أكد أنَّ الأزمات السياسيّة والاجتماعيّة غير مفصولة عن المنتج الروائي، وقد يكون أبرزها الأميّة المستشرية.
أفكار كثيرة طُرحت للنقاش... لكن السؤال الأهم يبقى: هل يمكن الإفادة حقاً من هذه المناقشات؟ أيام الملتقى شهدت أكثر من أربعين جلسة نقدية، وخمس طاولات مستديرة، بمشاركة أكثر من 250 ناقداً وروائياً... هذا الزحام لا يترك للمبدعين عادةً وقتاً كافياً للنقاش الجدي.