جنيف | يوافق مجلس حقوق الانسان على التقرير النهائي المتعلق بالاستعراض الدوري الشامل لسجل لبنان في حقوق الانسان في جلسة تعقد بعد غداً الجمعة. وعلمت «الاخبار» ان الوفد اللبناني لا يملك صلاحية بت التوصيات التي رفُعت اليه، بسبب ضعف التمثيل الرسمي (لم يحضر اي وزير أو مدير عام لاي وزارة )، وسيطلب من سكريتاريا الاستعراض الدوري الشامل الاعلان ان الحكومة اللبنانية سوف تبت موقفها من جميع التوصيات بعد عرضها ومراجعتها في بيروت، باستثناء توصيتين تقدمت بهما اسرائيل، حيث سيعلن خلال جلسة اعتماد التقرير عن رفضهما المبدئي لانهما صدرتا عن دولة احتلال.
من ابرز التوصيات التي سيجدد لبنان قبوله لها: إنشاء مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان وفق مبادئ باريس؛ إنشاء هيئة وطنية تتعلق بآلية الوقاية من التعذيب المنصوص عنها في الاتفاقية والبروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب، تعهد لبنان معالجة ملف الإخفاء القسري لكونه من الجرائم التي لا تسقط بمرور الزمن، كما فصّلت المحاكم اللبنانية؛ التعهد بتحسين وضع اللاجئين الفلسطينيين من دون تحديدات واضحة لجهة تعديل قانون التملك والعمل، مع الطلب من الدول زيادة مساهمتها لوكالة الأونروا لتحسين الظروف المعيشية في المخيمات. التعهد بتحسين وضع النازحين السوريين مع الطلب من الدول زيادة مساهمتها لوكالة الامم المتحدة للاجئين للقيام بمهماتها. اما التوصيات التي يتوقع ان يرفضها لبنان فتشمل إلغاء عقوبة الإعدام لكونها عرضة لتباين في الآراء؛ رفض الانضمام إلى اتفاقية اللاجئين لعام ١٩٥١ لكون لبنان «ليس بلد لجوء مؤقت أو دائم» مع تعهد تعزيز مذكرة التفاهم مع مفوضية اللاجئين العليا لتنظيم عملية رعايتهم في لبنان. رفض لبنان إزالة التحفظات التي يضعها على اتفاقية إلغاء التمييز ضد المرأة، ما يعني عدم الموافقة على الاقتراح المتعلق بحق المرأة اللبنانية في منح الجنسية لأولادها من زوجها الأجنبي، وتكرار مقولة أن المجتمع اللبناني منقسم حيال شروط منح الجنسية بسبب التركيبة اللبنانية الطائفية.
خلاصة الجلسة التفاعلية التي ناقشت التقرير الرسمي اللبناني، تتمثل بتهرب لبنان من جميع الإلتزامات التي تعهد القيام بها قبل اربع سنوات، وهو ما عبرت عنه رئيسة الوفد اللبناني سفيرة لبنان في البعثة الدائمة في جنيف نجلا عساكر، التي اعلنت ان «اي تاخير في اقرار التشريعات المتعلقة بتطوير حقوق الانسان في لبنان، ليس الا نتيجة عدم الاستقرار السياسي في البلاد، وياتي في الاطار العام لتأخر اقرار الكثير من القوانين والمراسيم».

للمرة الاولى يصدر موقف
رسمي في قضية التمييز
على اساس الجنس

ضم الوفد اللبناني الى عساكر، المستشارين في البعثة ريان سعيد واحمد عرفه، القاضيتين مرلين الجر ونازك الخطيب من وزارة العدل، المقدم زياد قائد بيه رئيس قسم حقوق الإنسان في مفتشية قوى الأمن، والنقيب طلال يوسف عن الامن العام اللبناني، والمحامي فادي كرم أمين سر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية. وقد تضمنت مداخلات اعضاء الوفد بعض الاشارات الايجابية، لكن جميع المتحدثين اغفلوا اي اشارة الى مسألة التظاهرات التي جرت خلال الاشهر الثلاثة الماضية. وقد استفاض المقدم قائد بيه في الحديث عن مسألة الاتجار بالبشر والجهود المبذولة في هذا المجال، وعن الخطوات التي اتخذتها المديرية العامة لقوى الامن الداخلي لانفاذ قانون الحماية من العنف الاسري، بالاضافة الى تطور وضع حقوق الانسان في مجال سلطات انفاذ القانون. فيما اوضحت القاضية الجر بعض الجوانب المتعلقة بمكافحة التعذيب في لبنان من قبيل اقتراح القانون لتعديل المادة ٤٠١ عقوبات، واقتراح القانون لتشكيل لجنة وطنية للتعذيب واعادة هيكلة مصلحة الطب الشرعي في وزارة العدل، وتعديل قانون تنفيذ العقوبات. وكان لافتا في مداخلة القاضية الخطيب الرد بشكل رسمي وللمرة الاولى من قبل الحكومة اللبنانية على قضية التمييز على اساس الجنس، حيث ذكرت ان المادة ٥٣٤ عقوبات تجرم كل مجامعة خلافاً للطبيعة، لكنها ذكرت باجتهادات قضائية صدرت في لبنان واعطت تفسير لهذه المادة لا يجرم العلاقات الجنسية بين المثليين والمثليات والمتحولين والمتحولات وذوي وذوات التفضيل الجنسي المزدوج. اما كرم فقدم لائحة بالتعديلات القانونية التي طاولت جوانب التمييز ضد المرأة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية محيلاً القضايا المرتبطة بالتمييز ضد المراة، وخصوصاً قانون الجنسية، الى الحساسية الطائفية والديمغرافية وعدم التوافق عليه من قبل القوى السياسية.
قدمت دول اسيوية وعربية توصيات عامة وغير محرجة للوفد اللبناني، فيما ركزت توصيات الدول الاوروبية والولايات المتحدة الاميركية على قضايا حساسة من قبيل الجنسية واللاجئين والتعذيب والاعدام والحقوق المدنية والسياسية والانتخابات النيابية والبلدية. واعترض ممثل دولة الإحتلال على الإشارة لإسرائيل وإحتلالها وإعتداءاتها في التقرير الرسمي اللبناني المقدّم الى جلسة الاستعراض الدوري الشامل، واتهم حزب الله بانه يجند الأطفال للقتال في سوريا، واوصى السلطات اللبنانية بضرورة حماية الحق في التظاهر وضرورة حماية المتظاهرين السلميين، وردت عليه رئيسة الوفد اللبناني واتهمته بانه يسيّس الاستعراض الدوري الشامل.
وركزت بلجيكا وهولندا وفنلندا وإيرلندا وكندا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية على موضوع الحقوق المتعلقة باللاجئين، وطالب ممثلوها بتحسين ظروفهم وإلغاء القيود المتعلقة بعملهم وتنقلهم. وسألت دول عدّة عن موعد تطبيق خطة حقوق الإنسان التي أقرها المجلس النيابي، وعن الموافقة على مشروع قانون إلغاء عقوبة الإعدام. وطالبت عدة دول الحكومة اللبنانية بسنّ قانون يمكّن المرأة اللبنانية من منح أطفالها وزوجها الأجنبي الجنسية. أما النرويج، فأوصت بنزع الطابع الجنائي عن المثلية وضمان عدم التمييز على أساس الجنس.