قدّم النائب ياسين جابر، في جامعة جنيف، قراءة لتجربة الشراكة الأوروبية مع لبنان معرجاً على اتفاقية التيسير العربية أيضاً. خلاصة هذه القراءة أن لبنان خفض الرسوم الجمركية في مقابل سلّة وعود أوروبية لم يتحقق منها شيء، فلم تأتِ الاستثمارات إلى لبنان، ولم نحصل على التكنولوجيا، ولم يساعد أحد لبنان في تحسين إنتاجه وتطوير صناعاته... «ما حصلنا عليه هو زيادة في الواردات الأوروبية مقابل أنانية أوروبية وعربية».يقول جابر، إنه بعد سنوات من تدفق اللاجئين العرب السوريين إلى لبنان، يثير مشهد تدفقهم مع العراقيين واللبنانيين إلى الدول الأوروبية، الرعب. ويأتي هذا الأمر في ظل ما يسمى الحوار الاوروبي وأطر التعاون العربي. يفتح الامر النقاش في مواضيع الشراكة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ففي مؤتمر برشلونة 1995 كان الحوار الأوروبي العربي مبنياً على إيجاد وسائل التخفيف من الحاجة الى الهجرة في دول شرق المتوسط والحد من تدفقات المهاجرين. وخلص الأمر إلى ضرورة إحلال السلام في منطقة الشرق الاوسط، وإطلاق عملية تنمية اقتصادية واجتماعية كبيرة في دول شرق المتوسط بدعم من الاتحاد الاوروبي وهي تستند الى «ضخّ توظيفات مالية كبيرة في مشاريع حيوية متنوعة صناعية وزراعية وسياحية وتكنولوجيا المعلومات وغيرها، وذلك من خلال تشجيع الشركات العملاقة في الدول الأوروبية على الاستثمار في منطقة شرق المتوسط، والاهتمام بالقطاع التربوي والتعليم والمساعدة في نقل التكنولوجيا من الغرب الى الشرق، ودعم دول الشرق في تحديث وإعادة هيكلة ادارتها وانظمتها وقوانينها، وتوفير قروض ميسرة وطويلة الأجل من خلال المصرف الاوروبي للاستثمار والمصارف الاوروبية الكبرى الى القطاعين العام والخاص.
كل ذلك كان مقابل إطلاق حرية التبادل التجاري وإزالة كافة الرسوم الجمركية بين دول الاتحاد الاوروبي ودول شرق المتوسط. لكن الغرب فشل في دفع عملية السلام قدماً، فيما تبيّن أن «طمع وانانية الاتحاد الاوروبي في ما يتعلق بالعملية الاقتصادية والاجتماعية أدّى إلى عدم استفادة دول شرق المتوسط من الاعفاءات. وفي المجال الزراعي أصرّ الاتحاد الاوروبي على وضع كوتا محددة لكل دولة والحد بشكل كبير من الصادرات الزراعية كما أنهم ألغوا الرسوم الجمركية واستبدلوها بالعقبات غير الجمركية، وفي موضوع الاستثمار المباشر لإنشاء المشاريع FDI وموضوع التدريب ونقل التكنولوجيا فإن ذلك لم يتم شيء منه».
عربياً، اكتشف جابر أن «الأنانية هي الطاغية وبأن التبادل التجاري العربي البيني لا يتجاوز 12% من حجم التجارة العربية بينما على سبيل المثال التبادل التجاري البيني في دول الاتحاد الاوروبي يتجاوز 65%. واكتشفت أن امكانية انتقال البضائع والافراد بين الدول العربية وخلال العقود الماضية كانت تسير من سيئ إلى أسوأ».