«إنها قضية حياة او موت... انتظرنا داعش ان تأتي من عرسال او طرابلس، إلا انها أتتنا من وادي سبلين على شكل مطمر ومحرقة للنفايات تريد قتلنا وتهجيرنا من منازلنا وأملاكنا». هذا ما قاله رئيس بلدية برجا المهندس نشأت حمية، في اجتماع عقد بدعوة من المجلس البلدي للتشاور مع الاحزاب والجمعيات ومديري المدارس والمشايخ، وذلك لاتخاذ موقف موحد تجاه اقتراح اقامة مطمر ومحرقة في الوادي الفاصل بين برجا وسبلين.
الموت سيلاحقك اينما حللت في هذه المنطقة عبر الهواء والماء والغذاء. فبلدة برجا مثلا يحيط بها معمل سبلين بدواخينه الضخمة ومعمل الجية الحراري لتوليد الكهرباء بسمومه الكثيفة (على عكس الكهرباء التي يعاني ابناء هذه المنطقة تقنينا قاسيا فيها)، ومطمر الناعمة الذي يقع على مسافة قريبة من البلدة، إضافة الى العديد من الكسارات والمقالع. هذا الواقع المأساوي على المستوى البيئي سمح للامراض السرطانية بان تتفشى على نحو كبير جدا، ومعها الكثير من حالات التشوه الخلقي (لا إحصائيات دقيقة في هذا المجال، الا انه بإمكان اي متابع لاحوال البلدة الصحية ان يلاحظ انه بين كل خمس حالات وفاة، هناك حالتان ناتجتان عن مرض السرطان).
بين كل خمس حالات وفاة
هناك حالتان بالسرطان

كل ذلك جعل اهالي البلدة يرفضون رفضا قاطعا اقامة المطمر في منطقتهم. فإمام جامع برجا الكبير الشيخ جمال بشاشا رأى ان «المشروع بمثابة إعلان حرب على أبناء البلدة، ويجب التصدي له بكل حزم»، وعبّرت الاحزاب السياسية عن رفضها لهذا المطمر والمحرقة، وان بشكل متفاوت. فالحزب الشيوعي والجماعة الاسلامية يستعدان لمواجهة هذا المشروع. أحد قادة تيار المستقبل يؤكد وقوف التيار في وجه هذا المشروع، حتى لو كان القرار الحكومي والمركزي للمستقبل عكس ذلك، أما الحزب الاشتراكي، فموقف أعضائه في برجا حائر بين رفض هذا المشروع والتصدي له، وموقف النائب وليد جنبلاط الذي يقام المشروع على اراضيه، ما يعني انه مساهم اساسي في وضع تفاصيل هذا المشروع، وينوي السير به بغض النظر عن رأي الاهالي.
اللافت انّ هناك حراكا شبابيا كبيرا جدا جرى التعبير عنه في اجتماعات مكثفة في الايام الأخيرة، كما عبر عنه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي امتلأت صفحاتها بالمعلومات والتعليقات الرافضة للمحرقة والداعية للمواجهة، كما توعد الكثيرون احزابهم انهم سيكفرون بها إن لم تقف بوجه هذا المشروع..
يطالب بعض الاهالي وزيري البيئة والصحة بالتدخل، اذ «لم توضع أي دراسة علمية لتأثيرات هذا المشروع البيئية والصحية»، واشار احد شبان البلدة الى ان «وزير الصحة وائل ابو فاعور رأى ان وفاة 19 موظفا في مسلخ بيروت أمر خطير جدا ويجب الكشف عن أسبابه ومحاسبة المسؤولين. فليأتِ وزير الصحة إلى برجا وير نسبة الوفيات بهذا المرض، وليحاسب المسؤولين والمتسببين بتفشي هذا المرض».
إنها فعلا حرب بين مصالح فئة صغيرة تسيطر على القرار السياسي في البلد، ويحركها الجشع والسعي لتكديس الثروات بأي وسيله، وبين السواد الاعظم من أهالي برجا والجوار، الذين يطالبون بحقهم في الحياة.