قبل يومين، ضجّ سوق الأربعاء في بلدة الطيبة بمئات الزوار، خلافاً للمعتاد، لشراء لوازم العيد. لم يقصد معظم أبناء المنطقة المحالّ التجارية في النبطية أو صيدا كما كانوا يفعلون سابقاً، بل فضّلوا الاكتفاء بما هو موجود في الأسواق الشعبية القريبة، ولا سيما أسواق بنت جبيل، الطيبة وتبنين. هناك تباع الثياب أيضاً، لكنها ليست رخيصة بالنسبة إلى أبناء المنطقة الذين يعتمدون في معيشتهم على الزراعة أو الوظيفة العامة أو حوالات ذويهم من المغتربين.يقول أحمد رسلان: «معظم أبناء المنطقة باتوا يشترون ثياب العيد من الأسواق أو المحالّ القريبة، بهدف التوفير، لكن رغم ذلك فإن عائلات كثيرة لن تشتري ثياب العيد لأطفالها، ونحن نعرف الكثير منها». بين الثياب المعروضة في «بسطات» السوق، يحاول محمد، أستاذ مدرسة، أن يساعد زوجته في اختيار ثياب جديدة لأطفالهما الثلاثة، لكن يبدو، على حد قوله، أنه لن يتمكن من شراء المطلوب. يقول: «قصدنا السوق لشراء الأرخص ثمناً، لكن أيّ قطعة لا يقلّ ثمنها عن مليون ليرة، وهو مبلغ لا قدرة لنا على دفعه، لأن راتبي لا يزيد على تسعة ملايين ليرة». يؤكد محمد أن عدداً كبيراً من الموظفين من معارفه «قرّروا عدم شراء ثياب العيد لأطفالهم، وبعضهم اتفقوا على تبادل ثياب أطفالهم، على أن يبقى ذلك سراً، حفاظاً على ماء الوجه».
معمول البيت
أما النسوة، فقد بادرن السنة إلى صنع حلويات العيد في البيت، ولا سيما المعمول، وهي ظاهرة كانت قد تراجعت خلال سنوات ما قبل الأزمة. تقول غزوى حيدر: «معظم النسوة يتحضرن لإعداد حلويات العيد، مع التركيز على الأنواع السهلة وغير المكلفة، ولتنويع حلويات العيد داخل المنزل، قرّر عدد من نساء البلدة تبادل أنواع الحلويات في ما بينهنّ». وتشير الى أن «كلفة كيلو المعمول المصنوع في المنزل قد لا تزيد على 300 ألف ليرة، بينما ثمنه في السوق وصل إلى المليون ليرة».
الاغتراب ستار
يختلف واقع الأهالي بين بلدة وأخرى، بحسب عدد المغتربين من أبنائها، فأبناء مدينة بنت جبيل يعتمد معظمهم على إرساليات المغتربين، وبالتالي بحسب التاجر علي جمعة «فإن الاغتراب ستر على المقيمين في المدينة، لذلك لا نزال نشاهد عدداً من الأسر يهتم بشراء لوازم العيد»، ويؤكد بزي أن «المحالّ التجارية في منطقة صور تعجّ بالزبائن، ولا سيما محالّ الألبسة، التي تعدّ أسعارها مرتفعة جداً، ولكن معظم هؤلاء الزبائن يعتمدون على تحويلات المغتربين بالدولار، ولا سيما أن مئات المغتربين من أبناء منطقة صور يعملون في أفريقيا». وتؤكد ذلك جمانة فحص بقولها: «الأزمة فرزت الأهالي بين فقير معدم، وغني قادر على تأمين ما يحلو له، ففي حين بات شائعاً عدم اهتمام المئات من الأسر بمظاهر العيد، لا نزال نشاهد عشرات العائلات تقصد المطاعم يومياً وتتزاحم على شراء ملابس العيد من أفخم المحالّ التجارية».