على عكس الفتور الذي ساد انتخابات مجلس المندوبين في الجامعة اللبنانية، بلغت نسبة الاقتراع في انتخابات الهيئة التنفيذية نحو 84%، إذ اقترع 120 أستاذاً من أصل 143 مندوباً. إلا أن حشد الأحزاب لمندوبيها، لم يمنع مرور الاستحقاق باهتاً، إذ قضى تكريس «التفاهمات» بين القوى الحزبية المتصادمة، على أي فسحة للتغيير، ففازت اللائحة «التوافقية» بالمقاعد الـ 15 للهيئة، فيما أخفق «الأساتذة المستقلون» الأربعة وهم: علاء غيث، وفاء نون، كمال بيضون وكامل صالح في معركة الأصوات المعترضة لإسقاط التزكية الطائفية والمذهبية و«تحاصص الأكثرية». لم يتوهم هؤلاء المرشحون الفوز، فاختراق الجدار سيبقى أمراً مستعصياً على ما يبدو، إنما هالهم ما وصلت إليه جامعتهم الوطنية من «انحدار، بات معه مرعباً أن يصبح الحديث عن الحصص حقاً طبيعياً، فيما بدعة المداورة تجيز لفئة من الأساتذة، تارة تكون مسيحية وطوراً مسلمة، أن تختار رئيس الأداة النقابية لجميع الأساتذة».

رابطة «توافقية»
هذه المرة، كان التوافق بين المكاتب التربوية للأحزاب على تمثيل أعضاء الهيئة الـ15 كالآتي: 5 أعضاء لتيار المستقبل، 4 لحركة أمل وحزب الله، واحد للحزب التقدمي الاشتراكي و5 أعضاء للفروع الثانية «المسيحية» التي تختار أيضاً الرئيس. وثمة اتجاه لأن يكون الرئيس السابق لمجلس المندوبين، أنطوان شربل، الأوفر حظاً لتولي رئاسة الهيئة التنفيذية بعدما حصل على العدد الأكبر من الأصوات: 113 صوتاً من أصل 120 مقترعاً، واسمه مدوّن في الأوراق الأربعة الملغاة من صندوق الاقتراع أيضاً.
ببساطة، بدأ تكوين الرابطة «توافقياً» منذ المرحلة الأولى (أي انتخابات مجلس المندوبين)، إذ فاز معظم المندوبين بالتزكية، وسط عزوف الأساتذة عن الإقبال على الترشح لتولي مهمات نقابية، وتراجع ملموس في عدد الأساتذة الذين سدّدوا اشتراكاتهم للرابطة، في خطوة احتجاجية على التحاصص الحزبي والأداء المتماهي مع السلطة السياسية في المرحلة السابقة، بما يتنافى مع غاية العمل النقابي والدفاع عن مصالح الأساتذة. وبذلك أتى المندوبون ليمثلوا أحزابهم لا ليمثلوا غالبية الأساتذة المعترضين، فيما بدا لافتاً أن يُعاد اختيار 7 أعضاء من أصل 15 كانوا في الهيئة التنفيذية السابقة. وقد خرجت دعوات إلى الأساتذة المستقلين بالانسحاب وعدم إعطاء الأحزاب شرف إجراء الانتخابات والتذرّع بالديموقراطية، وخصوصاً أن المنافسة معدومة، وإن كان من بين الأساتذة المعترضين من يراهن على بعض الأساتذة المنتخبين الذين نالوا بالمناسبة العدد الأكبر من الأصوات وسموا بالعشر الأوائل. هؤلاء ينتظرون أن تبدأ الرابطة عملها منذ اليوم الأول، إذ لم يعد هناك أي حجة لتبقى غائبة أو مغيّبة عن ساحات التحرك والتفاوض مع السلطة.

الأساتذة المعارضون
أطلق الأستاذ في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، المرشح كامل صالح، على الهيئة التنفيذية العتيدة مصطلح «الهيئة المعينة»، في إشارة إلى التركيبة الجاهزة لأحزاب السلطة و«المطعّمة» ببعض المستقلين. أما المرشحون الثلاثة الباقون فخاضوا معركة الجامعة ببرنامج انتخابي موحد، لكونهم ينتمون جميعاً إلى كلية العلوم ـ الفرع الأول. تقول نون: «قرّرنا الترشح لنقول إنه من المعيب أن لا تكون الكلية الوحيدة التي جرت فيها انتخابات ديموقراطية ممثلة بصوت على الأقل في الهيئة التنفيذية». البرنامج قدّم للمرة الأولى الجامعة غير معزولة عن القطاع العام لجهة تأمين النقل العام والاستشفاء ورفض بدل الإنتاجية وخصخصة صندوق التعاضد والدفع باتجاه تحسين المراكز الصحية لتكون مصدراً إنتاجياً للجامعة، كما ركز على أن استمرارية الجامعة من استمرارية أساتذتها.
ورداً على مناداة بعض الأصوات في مجلس المندوبين بـ«الديموقراطية التوافقية»، تشير نون إلى أن هذه التوافقية تتجسّد في انتخابات على أساس النسبية تتمثل فيها الأطراف المعارضة مع الأحزاب. أما الديموقراطية التي يمارسونها فهي «تحاصص الأكثرية» أي الأحزاب للهيئة التنفيذية.

إعادة ثقة؟
بالنسبة إلى عرّاب «التوافق»، رئيس مجلس المندوبين علي رحال، كرّست الانتخابات مفهوم إعادة الثقة بالرابطة بدليل النسبة العالية للاقتراع والتي تعكس رغبة المندوبين في استعادة الرابطة لدورها النقابي. وفيما يشير إلى أنه ترشح بناء على طلب العديد من المندوبين، يؤكد أنه سيجري الضغط لإقرار البنود التي تضمنتها ورقة التفاهم مع وزير التربية السابق أكرم شهيب والتي وقعها كل من رئيس الهيئة التنفيذية السابق يوسف ضاهر إضافة إلى رحال، والتي لم يتحقق منها إلا بندان من أصل 7 بنود.