تملك نساء لبنان حضوراً عملياً وازناً مع وقف التنفيذ. عاماً بعد عام، يتقدّمن في نسبة الوظائف في غالبية القطاعات المهنية والتعليمية، من دون أن ينعكس الأمر، بالنسبة نفسها، على المواقع القيادية. ازدواجية الحضور تبلغ ذروتها في التمثيل السياسي والمجالس المنتخبة والتعيينات الرسميةفي كل عام، تحدّث «الدولية للمعلومات» إحصاءاتها عن نسبة النساء في القطاعات المهنية. يفاخر رئيسها جواد عدرا بأن غالبية العاملين في مؤسسته، نساء «هنّ الأكثر التزاماً وجدية وأمانة». في إحصائها الأخير الذي أنجزته المؤسسة عن عام 2022، حاز قطاع التعليم على النسبة الأكبر للحضور النسائي 77%، إذ لا يزال مع مهنة التمريض، الوجهة الكلاسيكية المتوارثة. وبحسب الباحث محمد شمس الدين، فإن هذه المهنة «لا تزال تجذب الكثير من النساء لكونها الأكثر استقراراً وتوائم بين وظيفتها وبين منزلها الزوجي وأولادها لناحية الدوام اليومي والأعطال على مدار السنة». في المرتبة الثانية، حلّ قطاع المصارف. وينقل عدرا عن صاحب أحد المصارف قوله إن «كفاءة النساء سبب رئيسي لوجودها المتمدّد في الوظائف الإدارية المصرفية، لكن لهجرة الشباب أيضاً دوراً كبيراً أيضاً». في المرتبة الثالثة يحلّ القضاء. بحسب شمس الدين، بلغ عدد القاضيات 516. لكن كم منهن يترأسن محاكم أو يتبوأن مناصب قيادية، لا سيما في القضاء العسكري؟ يشير شمس الدين إلى أن التقدم النسوي سجل على الصعيد الكمي والنوعي في القضاء، ليس بسبب كفاءتهن فقط، بل أيضاً بسبب تطوّر العمل أيضاً. «سابقاً كان المدعي العام أو قاضي التحقيق مجبراً على التنقل في أي وقت إلى مواقع بعيدة. حينها، لم يكن مألوفاً بأن تكلف امرأة بالانتقال إلى محكمة في الأطراف أو أن تنزل قاضية تحقيق إلى موقع الجريمة في الليل».
تحضر المرأة بكثافة في قطاعات التعليم والتمريض ثم المصارف والقضاء


في الإحصاء المفصل الذي أجرته «الدولية للمعلومات» عن عمل النساء عام 2015، تبيّن بأن النسبة لا تزال أقلّ من عدد المتعلمات. حينها كان حجم القوى العاملة 25% (325 ألف عاملة). فيما عدد الخريجات الجامعيات للعام الدراسي 2012-2013 بلغ، 54% (104 آلاف خريجة). بعد ثمانية أعوام، لا تزال النسبة متقاربة، بحسب عدرا الذي يعيد السبب إلى جملة اعتبارات اجتماعية واقتصادية. منها الهجرة بغرض العمل، التي تقبل عليها النساء ولو بنسبة أقلّ من الرجال. فيما عدد من أصحاب العمل يرفض توظيف النساء المتزوجات خوفاً من إجازة الأمومة والفرص المتكرّرة للعناية بصحتها وبشؤون أولادها. وبعد الأزمة الاقتصادية الأخيرة، اضطرت كثير من الموظفات إلى ترك وظائفهن، إما لأن قيمة رواتبهن لم تعد تكفي لكلفة التنقل، أو لأنها لم تجد من يعتني بأطفالها في غيابها مع تراجع القدرة على استخدام عاملات المنازل.