لا تزال 13 جامعة خاصة تنتظر مصير الطعن، الذي تقدّمت به أمام مجلس شورى الدولة في 31 كانون الثاني الماضي، لإبطال قرارات وزير المال في حكومة تصريف الأعمال، يوسف الخليل، والمتصلة بموازنة عام 2022 وقانون ضريبة الدخل والمختصّة بفرض ضرائب عشوائية جديدة على المكلَّفين في القطاع الخاص، ومنها الجامعات الخاصة، ووقف تنفيذها، بسبب تجاوزها حدّ السلطة.لكن لماذا تحرّكت الجامعات ما دامت تقتطع الضرائب من حساب الموظفين وليس من جيبها الخاص؟ تقول رئيسة جامعة الحكمة، لارا البستاني، إن أحد أسباب تقديم المراجعة هو «مخالفة قرارات وزير المال (القرار الرقم 686/2022 والقرار الرقم 2/2023 والقرار الرقم 3/2023)، القانون وتحديداً القرار 686/1 تاريخ 23/11/2022، الذي أعطى مفعولاً رجعياً للمادة 35 من قانون الموازنة من دون أن تتضمن المادة أي مفعول رجعي». وتشير إلى أننا «لا نزال نثق بالقضاء، ولا سيما أن غالبية الجامعات لديها كليات حقوق، وحان الوقت لأن نقف إلى جانب الأساتذة والموظفين الذين خسرت رواتبهم الكثير من قيمتها الشرائية، وبالتالي فإن هذه القرارات تشكل عبئاً لا يُحتمل على الأجراء وأفراد الهيئة التعليمية المتوجب إعادة الاقتطاع من رواتبهم بمفعول رجعي، ولا سيما في ظلّ الظروف الاقتصادية القاسية».

رفع الأقساط؟
ليس هذا فحسب، بل إن الأمر، كما قالت، يؤثر أيضاً على الطلاب بطريقة غير مباشرة، باعتبار أن تحسين وضع الأساتذة والموظفين سينعكس حتماً ارتفاعاً في الأقساط، وخصوصاً أن المساعدات الخارجية التي تتلقاها الجامعات متواضعة، وإن تفاوتت بين جامعة وأخرى. وسألت: «ما معنى أن تفرض الدولة علينا دفع ضريبة غير منطقية وغير مبرّرة على أموال وهمية؟».
وفي التفاصيل، عدّلت المادة 35 من قانون الموازنة الفقرة الأولى من المادة 63 من قانون ضريبة الدخل، بحيث أوجبت على ربّ العمل، أو إدارة الجامعة، أن يقتطع الضريبة من الرواتب والأجور التي يدفعها للأجير بالدولار الأميركي، ويؤدي المبالغ المقتطعة إلى الخزينة بالليرة اللبنانية، وذلك بالقيمة الفعلية التي تحدّد بموجب قرار يصدر عن وزير المال ومصرف لبنان.
تلوّح الجامعات برفع الأقساط لتسديد الضرائب المفروضة في قرارات «المالية»


وبحسب محامي الجامعة الأنطونية، جهاد بو نادر، فإن التحديد لهذه القيمة، المنوط بوزير المالية، لا يمكن أن يكون إلا بالنسبة إلى الرواتب والأجور التي تُدفع بتاريخ لاحق لقانون الموازنة، في حين لا يمكن الرواتب والأجور التي اقتُطعت وسُدّدت قبل صدور القانون، أن تكون مشمولة بالمادة 35.
ومعلوم أن إدارة الجامعة لا تقتطع هذه الضريبة من جيبها الخاص، إنما من حساب الأجير وتدفعها لوزارة المال على أربعة فصول. وقد أوجب القانون عليها أن تقوم هي باقتطاعها عند دفع الرواتب والأجور وتسديدها إلى وزارة المال عن الأجراء.
هذا يعني أن الجامعات التي دفعت أو صرّحت عن ضريبة الرواتب والأجور عن الفصول الأول والثاني والثالث وفقاً لأحكام القانون القديم، تكون قد طبّقت، بحسب بو نادر، أحكام القانون الصادر حينها وحازت حقوقاً مكتسبة في ظله، لا يمكن للقانون الجديد التعرض لها ، ولا سيما أنه لم يتضمن نصاً على الرجعية في المادة 35، ولا يعود لوزير المال الحق بإصدار قرار مخالف.

ضريبة بمفعول رجعي!
ولتوضيح المسألة، وعلى افتراض أن أحد الأجراء قد حدّد راتبه بالدولار الأميركي بمبلغ 1,000 دولار، وعلى افتراض أن إحدى الجامعات قد اقتطعت من هذا الأجير الضريبة المتوجبة عن الفصول الأول والثاني والثالث قبل صدور قانون الموازنة وسدّدتها لوزارة المال، فإن القيمة الفعلية للراتب بالليرة اللبنانية كانت 1,500,000، وبالتالي فإن الضريبة حينها كانت تُدفع وفقاً لقيمة الراتب المذكور.
إلا أن القرار الصادر عن وزير المالية لتطبيق مفاعيل المادة 35 حدّد القيمة الفعلية بالليرة اللبنانية بحسب سعر صيرفة، قبل تعديله لتصبح الضريبة 8,000 ليرة، وبالتالي فإن القيمة الفعلية للراتب المذكور وفق قرار وزير المال أصبحت نحو 30,000,000 ليرة (سعر صيرفة حينها) قبل تعديله لتصبح الضريبة 8,000,000 ليرة
هكذا، فإن الضرائب المقتطعة على الراتب وفقاً لأحكام المادة 35 يتوجب دفعها عن الأجور المقبوضة بتاريخ لاحق لصدور قانون الموازنة، في حين أن وزير المال قد أراد بقراره إعادة اقتطاع الضرائب من رواتب الأجراء السابقة التي جرى اقتطاع الضرائب عنها وتسديدها قبل صدور القانون الجديد، وذلك بمفعول رجعي وخلافاً لأحكام المادة 35.
ويضيف بو نادر أن القرار غير عملي وغير قابل للتطبيق في بعض حالاته، ومن بينها الحالات التي يكون فيها الأجراء الذين اقتُطعت الضريبة من رواتبهم قد تركوا العمل ولا يعود بالتالي لأرباب العمل والجامعات القدرة على اقتطاع الضريبة من رواتبهم بمفعول رجعي.



من تقدّم بالطعن؟
باسم رابطة جامعات لبنان، تقدّمت 13 جامعة خاصة بطعن في قرار وزير المالية هي: الجامعة الأميركية، الجامعة اللبنانية الأميركية، جامعة القديس يوسف، الجامعة الأنطونية، جامعة الحكمة، جامعة سيدة اللويزة، جامعة الروح القدس الكسليك، جامعة بيروت العربية، جامعة البلمند، جامعة هايكازيان، الجامعة اللبنانية الكندية، جامعة العائلة المقدسة وجامعة طرابلس.