تكلفة النقل
يرفض أصحاب محال بيع الخضار والفواكه بالمفرق، الكائنة بالقرب من سوق الخضار الرئيسي الذي يبيع بالجملة، إضافة إلى باعة سوق الخضار الشّعبي، وأصحاب البسطات المنتشرة في المنطقة، نقل السّوق الرئيسي من مكانه، مشيرين إلى أنّ ذلك سيكبّدهم تكاليف وخسائر. يشير هؤلاء الباعة إلى أن «تكلفة نقل البضائع من السّوق الرئيسي إلى محالنا وبسطاتنا لا تكلفنا حالياً أكثر من 50 ألف ليرة، وأحياناً أقلّ، ندفعها إلى صاحب شاحنة نقل صغيرة، أو إلى أحد الحمّالين الذي يجرّها على عربته، بينما إذا نُقل السّوق إلى مقرّه الجديد، فإنّ تكلفة نقل البضائع ستتضاعف ولن تقلّ عن 500 ألف ليرة بسبب بعد المسافة».
ولا يُعد سوق الخضار الرئيسي باب رزق الباعة الصّغار وأصحاب البسطات فقط، فهو يوفّر فرص عمل للمئات من أبناء منطقة باب التبّانة، ويسهم بشكل رئيسي في تنشيط حركة البيع والشّراء في المحال التجارية الأخرى، بسبب زوّار السّوق الذين يأتون إليه من خارج طرابلس، كمحال السّمانة والملاحم والمطاعم والمقاهي الشّعبية وبسطات بيع القهوة والكعك ومحال بيع صناديق البلاستيك وقطع غيار السيّارات وتصليحها، ومواقف السيّارات المتعدّدة، إضافة إلى بيع الخردوات المختلفة.
مكاسب ستزول
إضافة إلى هؤلاء، فإنّ العائلات المقيمة في مبان تعلو محال السّوق أو في جوارها اعتادت أن لا تشتري حاجتها من الخضار والفواكه. ففي حين تقوم بعض العائلات، صباحاً أو مساءً، بجمع حاجتها من أكوام الخضار والفواكه التالفة كليّاً أو جزئياً قبل رميها في مجرى نهر أبو علي المجاور، اعتادت عائلات أخرى أن تأخذ حاجتها خلال مرورها في السّوق، حبّة من هنا وأخرى من هناك، ما يجعل الكيس الذي تحمله امرأة بيدها يمتلئ بما تريده، من غير أن تشتري أيّ شيء، مع ما يرافق هذه العملية من تلاسن يومي بين التجار والمواطنين.
تكلفة نقل البضائع من السّوق الرئيسي إلى محالنا لا تكلفنا أكثر من 50 ألف ليرة
مكاسب أهالي المنطقة من السّوق لا تقتصر عند هذا الحدّ، فأغلب سكّان المباني في السّوق كانوا يؤمّنون التيّار الكهربائي لمنازلهم أو يشغلون مضخّات المياه على حساب أصحاب محال سوق الخضار الذين كانوا يشتركون في أحد مولّدات الكهرباء الخاصّة، فيقوم صاحب منزل يقيم فوق بمدّ خط من المحل إلى منزله، أحياناً برضى صاحب المحل وأحياناً أخرى من دون رضاه.
تحرّكات احتجاجية
ما سبق جعل أهالي المنطقة يعتبرون نقل السّوق من مكانه «كارثة» ستحلّ عليهم، ودفعهم إلى التساؤل بعد تنظيمهم وقفات احتجاجية عدّة: لماذا ينقل السّوق في هذا التوقيت بالذات، الصعب معيشياً، من دون التعويض على الأهالي وتأمين فرص عمل لهم وتنفيذ مشاريع إنمائية فيها؟ ولمصلحة من يحصل الانتقال ومن المستفيد منه؟ وهل من أجل تأمين مصلحة قلّة من المستفيدين يتم إلحاق الضرر وقطع أرزاق ولقمة عيش مئات العائلات في المنطقة؟ وإذا كانت حجّة البعض أنّ هناك أعمال تشبيح وفرض خوات على أصحاب المحال والمتسوّقين، فأين هي الدولة؟ ولماذا لا تقوم الأجهزة الأمنية بتوقيفهم، وهي التي تقول إنّها تعرفهم بالأسماء؟
ولعلّ أصدق تعبير عن ما يدور في خاطر هذه الفئات ما عبّر عنه أحدهم خلال إحدى الوقفات الاحتجاجية، عندما قال: «تحمّلنا التجّار طيلة السّنوات السّابقة، مع نفايات السّوق، وعند ذهاب أولادنا إلى المدارس وعودتهم منها، والخير الذي نعموا فيه كان من المنطقة، والآن يريدون نقل السّوق منها».