ثلاثة أشهر على انقطاع المياه المتواصل عن بلدة مركبا (مرجعيون)، كانت كفيلة بدفع أبنائها إلى الاعتصام أمام "مشروع مياه الطيبة"، الذي تُجرّ منه المياه إلى البلدات المجاورة، وطرد الموظفين العاملين فيه وإقفال أبوابه "إلى حين تأمين المياه إلى البلدة". اعتراض أبناء البلدة واستنكارهم، "ليس بسبب انقطاع الكهرباء المستمرّ فقط، بل لأنه خلال فصل الصيف حُرمت البلدة من المياه بشكل كامل، في الوقت الذي كانت فيه بلدات مجاورة تحصل على حصة ولو بسيطة من المياه، ما يعني أن هناك استنسابية في عملية توزيع المياه القليلة المتوفرة" يقول محمد حمود، أحد المشاركين في الاعتصام. ويؤكد أن "أهالي البلدة جميعاً لا يزالون يشترون المياه بشكل يومي، من أصحاب السيترنات والجرارات الزراعية، وبأسعار لا تتناسب مع أوضاعهم المعيشية".
تعدّ مركبا من أقرب البلدات إلى "مشروع مياه الطيبة"، وخلال السنوات الطويلة الماضية لم تنقطع المياه عنها، كونها تستفيد مباشرة من المشروع.
وخلال فترة الانقطاع الأولى، كان أصحاب السيترنات يتوجهون إلى برك مشروع الطيبة القريبة ويبيعون المياه لأبناء البلدة بأسعار مقبولة، "حوالى 350 ألف ليرة عن كل نقلة"، لكن مؤسسة المياه أصدرت أمراً بمنع نقل المياه من برك المشروع التي أصبحت شبه جافة نتيجة الانقطاع المتواصل للكهرباء، لذلك "بات أصحاب السيترنات يقصدون نهر الليطاني أو الآبار البعيدة، لتصبح كلفة النقل مرتفعة ولا يقدر عليها الأهالي"، يقول علي شهلا. وفي الأرقام، يوضح أن سعر نقلة المياه الكبيرة "وصل إلى المليونين ونصف مليون ليرة، وهي لا تكفي حاجة عشرة أيام، لأن الأهالي يعتمدون على الزراعة". ويؤكد شهلا أنه "بينما نحن محرومون من المياه، كانت المياه تصل إلى عدد من البلدات المجاورة ولو في فترات متباعدة، ما يؤكد على وجود المحسوبيات".
يوضح أحد الموظفين، المتابعين لعمليات ضخّ المياه وتوزيعها في المنطقة، أن "الكهرباء لم تكن تؤمن أكثر من 4 ساعات يومياً لضخ المياه من النهر إلى برك الطيبة، ومنها إلى بلدات المنطقة، وبالتالي لم نكن قادرين على تأمين المياه إلى كلّ المنطقة". أما سبب "التمييز" فيردّه إلى أنّ "اتحاد بلديات جبل عامل استطاع تأمين المازوت إلى البلدات التي يوجد فيها آبار إرتوازيّة، لضخّ ما يمكن ضخّه من هذه الآبار إلى عدد من البلدات، ولو بكميات غير كافية لسدّ حاجة الأهالي".
أمّن اتحاد البلديات المازوت إلى البلدات التي توجد فيها آبار إرتوازيّة

ويلفت الموظف إلى أن "ما زاد الأزمة سوءاً هي الاعتداءات المتكررة على خطوط دفع المياه لمنع وصول المياه إلى البلدات البعيدة عن نهر الوزاني، وذلك بهدف تأمين المياه إلى البلدات القريبة منه، والتي اعتاد أهلها سابقاً على وصول المياه إليهم من هذه الخطوط طيلة السنوات الماضية، ولذلك لم تكن هذه البلدات مجهزة بالآبار المنزلية التي تساعد في تأمين جزء من حاجة الأهالي من المياه خلال فصل الصيف". مشيراً إلى أن "النائب علي فياض اتصل مراراً بمدير عام مؤسسة كهرباء لبنان ومدير عام مصلحة مياه الليطاني، بهدف تأمين الكهرباء لضخّ المياه إلى المنطقة، لكن يبدو أن انقطاع الكهرباء المستمر حال دون ذلك"، مبيناً أن "الكهرباء انقطعت بشكل كلّي خلال الأسبوعين الأخيرين وهذا أدى إلى منع ضخ المياه إلى كل خزانات المياه في المنطقة".
يذكر أنه خلال فصل الصيف الماضي، لجأت معظم البلديات إلى حفر الآبار الإرتوازيّة أو الاستعانة بالآبار الموجودة، وتأمين الطاقة الشمسية لها، بدعم من أبناء المنطقة والجهات المانحة، بهدف تأمين الاكتفاء الذاتي من المياه، بعيداً عن خدمات الدولة. وقد سعى العمل البلدي في حزب الله إلى "تأمين الطاقة البديلة لأكثر من 20 بئراً إرتوازياً في الجنوب، ويسعى إلى تأمين الطاقة لعشرات الآبار الأخرى، مستعيناً بعشرات الخيّرين من أبناء المنطقة وعدد من الجهات المانحة" بحسب مسؤول العمل البلدي في الجنوب علي الزين.