تنتشر رائحة مزعجة قبل الوصول إلى بلدة برسا في الكورة، وما إن تسأل أهالي البلدة عن السبب حتى يدلّوك إلى مكبّ نفايات موجود بالقرب من حرج السنديان، في نقطة تبعد أمتاراً قليلة عن البيوت السكنية وعلى تلّة تشرف على كلّ البلدة. المشكلة ليست في وجود المكبّ فقط، وإنما في إحراق نفاياته يومياً. خوليو معلوف، أحد المقيمين في برسا، يعرض معاناة أهالي البلدة التي بدأت منذ سنين على حدّ تعبيره. فرائحة النفايات الكريهة التي تشتعل ليلاً لا تسمح لهم بالنوم، إضافة الى الأمراض والحشرات التي تجلبها إلى بيوتهم. ويتحدّث معلوف عن شروط غير صحية يعيش فيها مسنّون ومرضى وأطفال، واصفاً الوضع بـ»غير المقبول بتاتاً».
يؤكد معلوف أن «هناك من يفتعل هذا الحريق لغايات معيّنة، ألا وهي إحراق أشجار السنديان بالقرب من المكبّ لقطعها لاحقاً والاستفادة المادية منها».
وبما أن بلدية برسا منحلّة، ويديرها الآن محافظ الشمال رمزي نهرا، فقد ناشده الأهالي مراراً وتكراراً للتدخل لمعالجة الأمر إلا أنّهم يحصلون كلّ مرة على جواب واحد «سنتحقق من الأمر»، أو «تقدّمنا بشكوى ضدّ مجهول وبانتظار التحقيق».
جوزيف ملكون، أحد عناصر الشرطة الثلاثة الذين «يسهرون على راحة أبناء البلدة»، بحسب تعبيره، يقول إن «المكب غير مشتعل»، ما يتناقض والمعاينة الميدانية للمكان في وضح النهار، إذ يظهر بوضوح اشتعال النيران فيه، ووصولها الى أطراف بعض الأشجار. كما يبدو واضحاً، من خلال جولة في حرج أشجار السنديان، وجود أشجار مقتطعة غير محترقة بعد. وفي هذا الإطار يقول ملكون لا يوجد ناطور للحرج متسائلاً إن كان بوسع ثلاثة عناصر شرطة حراسة حرج تفوق مساحته المليون متر مربّع؟
من جهته، أكّد محافظ الشمال رمزي نهرا أنّ التحقيق جار لمعرفة من يشعل المكبّ، موضحاً أن «الأزمة بدأت منذ أسبوعين فقط». وعن الشجر المقطوع يكتفي بالقول إن «قسماً قليلاً من الأشجار المحترقة هو الذي اقتُطع فقط، أما باقي أشجار السنديان فقد اقتُطعت على مرّ السنين». بعكس ما ظهر في جولتنا على الحرج بحيث إن غالبية الأشجار مقتطعة حديثاً من جذوعها.
الكارثة البيئية واضحة المعالم، فالفاعل ينفّذ جريمته على مرّ أيّام، والدولة غائبة عن أداء واجبها، والضرران الصحي والبيئي وقعا ولا من يهتم.