مؤقّتاً، فتحت مراكز الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أبوابها أمس، ومن المتوقع أن يُستكمل العمل فيها اليوم أيضاً، بعدما حصلت إدارة الضمان على «هبة» من مادة المازوت لتسيير معاملات المواطنين.يومان فقط تعود فيهما الحركة ـــــ ولو خجولة ــــــ إلى مراكز الضمان بـ«مازوت الهبة»، قبل أن تطفئ المحرّكات كافّة ابتداء من يوم غدٍ الجمعة، واستكمال عطلة قسرية بدأت الخميس الماضي، مع تبليغ إدارة الضمان المستخدمين بالإغلاق، لعجزها عن تأمين مستلزمات البقاء من مازوت ولوازم مكتبية.

الإضراب المفروض
مع ذلك، لا تعني هذه العودة القصيرة أن الحركة عادت إلى مجاريها، فهي فترة مستقطعة لإضرابٍ مفروضٍ على المستخدمين بسبب سوء الإدارة والتقاعس اللذين تبديهما هذه الأخيرة منذ سنواتٍ طويلة. فمنذ ما يقرب من أربع سنوات، تسير أمور الضمان «على القطعة»، على ما يقول أحد أعضاء مجلس الإدارة، حيث يتم صرف اعتمادات من خارج الموازنة كل فترة لتأمين هذه المستلزمات، بسبب عدم قيام الإدارة بواجبها الذي يقضي بإعداد موازنة عامة، التزاماً بالقانون. وقد بقي الأمر على حاله حتى منتصف الأسبوع المقبل في الجلسة ما قبل الأخيرة لمجلس إدارة الضمان، حين «امتنعت الإدارة عن تطبيق القانون والموافقة على تقديم موازنة عامة مفصّلة، وهو ما دفع بمجلس الإدارة إلى الامتناع تالياً عن الاستمرار في النهج المخالف الذي يقضي بصرف اعتمادات من خارج الموازنة لتغطية جزء من النفقات».
قد يحمل يوم غدٍ الجمعة تسوية تعيد الضمان إلى العمل


وكان المدير العام للصندوق قد طلب، بكتابٍ رسمي من مجلس الإدارة، صرف مبلغٍ يُقدّر بثلاثين مليار ليرة لتأمين المازوت للمراكز، وهو ما لم يوافق عليه الأخير. ولذلك، وفي إطار الضغط على المجلس، أبلغت إدارة الضمان الموظفين والمستخدمين بأن «لا عمل في الضمان»، وهو ما جرى خلال اليومين السابقين، حيث عطّلت المراكز «لأنه لا يمكننا القيام بأي شيء، طالما أن السيستم في المركز الرئيسي متوقف بسبب نفاد مادة المازوت»، بحسب أحد الموظفين.

استهداف المرضى؟
ماذا يعني ذلك القرار؟ يعني «استهدافاً للمرضى»، هذا ما يقوله أحد العاملين في الضمان، فحتى في ظلّ التراجع الدراماتيكي في الخدمات المقدّمة للمضمونين، وتحديداً «خدمة الاستشفاء»، إلا أن ثمة مواطنين كثراً لا يجدون بداً من اللجوء إلى هذا الخيار لتحصيل شيء ولو كان بسيطاً لتغطية ما تيسّر من الفاتورة. وبغضّ النظر عن هذا، تتصرف إدارة الضمان وكأنها ليست مسؤولة عن مليون و400 ألف مضمون باتوا في مهبّ الريح بسبب الفوضى. وبسبب الإعلان المفاجئ عن الإقفال، شهدت مراكز الضمان أول من أمس بلبلة «لأن المواطنين لم يكونوا على دراية بالإقفال، وهو ما حدث معي حيث اضطررت لتأجيل دخول زوجتي إلى المستشفى لإتمام معاملة الضمان»، بحسب أحد المواطنين.
وبرغم العودة أمس واليوم، إلا أن الأمور لا تبدو أنها ذاهبة نحو حلّ جذري. يوضح أحد أعضاء مجلس إدارة الضمان أن يوم غدٍ الجمعة يفترض أن يكون مفصلياً، لناحية عودة «الضمان» إلى العمل من عدمه، لأنه سيشهد جلسة لمجلس الإدارة لمناقشة مشروع «تسوية» يقضي بـ«التزام المدير العام بتقديم مشروع موازنة الصندوق مرفقة بمشروع موازنة الإدارة إلى المجلس في مدة أقصاها شهر وفقاً للأصول»، على أن يلتزم المجلس بالموافقة على فتح الاعتمادات المطلوبة في الموازنة الإدارية للصندوق لعام 2022، استناداً إلى جدولٍ مُعدّ من الإدارة ومُحال إلى مجلس الإدارة. وفي هذا السياق، يشير أحد أعضاء مجلس الإدارة إلى أن «المجلس، في حال التوافق، من الممكن أن يصرف بدل مازوت ولوازم مكتبية بحدود 7 مليارات ليرة لتغطية ثلاثة أشهر بدلاً من 14 ملياراً طلبها المدير العام عن ستة أشهر».