أول من أمس، راجع صاحب معمل لإعادة تدوير الإطارات في وادي الكفور (قضاء النبطية) وزارة البيئة للتدقيق بالتراخيص التي سمحت له بالعمل والتأكد من التزامه بالشروط البيئية. في المقابل، ينتظر صاحب المعمل الثاني المماثل، من الوزارة، إيفاد خبير بيئي للتأكد من التزامه بالمعايير. المبادرتان جاءتا نتيجة لجولة وزير البيئة ناصر ياسين يوم السبت الماضي على الوادي، بعد ورود شكاوى من حرق عشوائي مستمرّ للإطارات يحصل في محيط المعملين. أصحاب المعملين يُتهمان بالقيام بحرق عشوائي لكميات من الإطارات بدلاً من الاستعانة بالآلات لإعادة تدويرها. نائب رئيس بلدية الكفور جوزيف ناصيف الذي رافق ياسين في جولته أكد لـ"الأخبار" أن البلدة ومحيطها "تحاصر يومياً بسحب دخانية ناجمة عن الحرق من المعملين"، ويشير إلى أن المعمل الأول الذي تشغّله شركة الخنساء، حاز على ترخيص من وزارة الصناعة كمعمل لإعادة تدوير الكاوتشوك وتحويله إلى وقود، أما المعمل الثاني وحجمه أصغر ينتظر الموافقة على دراسة الأثر البيئي من وزارة البيئة. مع ذلك، يقرّ ناصيف بارتكاب مخالفات بيئية. "نحن لسنا في أوروبا. يجب أن تكون هناك متابعة دائمة من الوزارات المختصة للتأكد من الالتزام". ولفت إلى أن البعض يستغلون وجود المعملين لحرق الإطارات في أنحاء متفرقة من الوادي وفي مكب النفايات العشوائي.

إعادة التدوير تعوقها صعوبات في السياسات الرسمية (الأخبار)

جولة ياسين الميدانية فضحت جبالاً من الإطارات، تقابلها جبال من الرماد الأسود الناجم عن الحرق. علماً بأن آلية عمل المعملين تقوم على تقنية التفكك الحراري في حرق الإطارات لإنتاج الوقود للاستخدام الذاتي أو بيعه. لكن الحرق ينتج مادة الكاربون الأسود بكميات كبيرة، يمكن استخدام جزء قليل منها ببيعه إلى شركات الإسمنت. فيما تبقى الكميات الأكبر مكدّسة، فتتناقل عبر الهواء وتضرب أجهزة التنفس. لكن ضبط عمل المعملين لا يكفي لحلّ مشكلة حوالي مليون إطار مستعمل سنوياً يحال إلى التلف. وإلى جانب الكفور، تلقى ياسين شكاوى من البقاع وطرابلس والجنوب وعكار حول الحرق العشوائي للإطارات الذي تضاعف أخيراً بعد ارتفاع سعر أسلاك النحاس الذي يحتوي عليها. فما العمل؟.
في اتصال مع "الأخبار"، قال ياسين إن وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي أرسل تعميماً إلى المحافظين والقوى الأمنية بوجوب التشدد بمنع حرق الإطارات، كخطوة أولى. لكن الأساس، دعم المعامل التي تعيد تدوير الكاوتشوك بطرق سليمة تحافظ على البيئة وتشجع الصناعات المحلية. وفي هذا الإطار، زار ياسين، بعد الكفور، مركزاً لتجميع الإطارات في سير الغربية (قضاء النبطية) بالتعاون مع البلدية وجمعيات أجنبية مانحة تدعمه في تطوير مراحل عمله. كما زار معمل "العلا" في جون (قضاء الشوف) يعيد تدوير الكاوتشوك وإعادة صناعته عبر سحب أسلاك النحاس منه وفرمه عبر أربع مراحل ليصبح حجم حبات الكاوتشوك لا تزيد على نصف سنتيمتر واحد. وما ينتج منه من الكتان يباع إلى مزارع الأبقار لتدفئة الأرضيات، فيما يباع الحديد إلى المعامل. أما حبات الكاوتشوك، يصنع منها سجادات لأرضيات الملاعب والحدائق. فضلاً عما ينتج من بودرة الكاوتشوك التي تدخل في صناعة مشتقات مطاطية عدة. ياسين أشرك نقابة مستوردي الإطارات في مسؤولية التخلص من الإطارات.
توجه الوزارة لدعم المعامل التي تعيد تدوير الكاوتشوك بطرق سليمة


المسار المتكامل في إعادة تدوير الإطار الذي يشكل بديلاً آمناً ومنتجاً، تعوقه صعوبات عدة في السياسات الرسمية منها السماح باستيراد نفايات الكاوتشوك برسم جمركي لا يتجاوز 5 في المئة. وطالب أحمد شمس الدين، أحد المسؤولين في معمل جون، "بحماية الصناعة المحلية في قطاع الكاوتشوك عبر رفع الرسوم الجمركية على المنتجات النهائية لحبوب الكاوتشوك وبعضها معفى نهائياً إذا تعلق بالقرطاسية وتجهيز المدارس". ولفت إلى قانون صادر عن الوزارة عام 1996 ينص على أن أي منتج مصنّع من أصل نفاية يمنع دخوله إلى لبنان إلا بموافقة الوزارة.