رد نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه على ما نشرته «الأخبار» عمّا تشير إليه رحلة الاستجمام التي قام بها وفد الاتحاد العمالي الى جنيف لمناسبة انعقاد مؤتمر العمل الدولي السنوي (http://www.al-akhbar.com/node/207613). اعتبر فقيه في ردّه «أن الذهاب الى جنيف واجب نقابي، طالما أن هناك 185 دولة تشارك بوفودها الثلاثية في هذه التظاهرة السنوية العالمية».
لم يميز نائب رئيس الاتحاد العمالي، عن معرفة أو عن جهل، بين الاستجمام في جنيف وبين المشاركة الفعلية في مؤتمر العمل الدولي وفعالياته ولجانه وقراراته وانتخاباته، فضلاً عن جدول أعماله اليومي على مدى ثمانية عشر يوماً.
الرحلة الى جنيف يمكن أن تكون للمشاركة فعلاً، ويمكن أن تكون للتسكع أو للتسوق أوللاستجمام، برفقة الزوجات أيضاً. وهذا ما يفعله كل عام، منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، الوفد العمالي اللبناني في جنيف. فهذا الوفد، الذي يزيد عدد أعضائه عن ضعفي عدد الوفد الصيني مثلاً، لا يتشكل على أساس الاختصاص بجدول اعمال المؤتمر، بل على قاعدة الامتياز المبنية على النفوذ الحزبي والحصص والولاء للقيادة وعرّابيها.


رفع قضية
المتعاقدين والمياومين كي لا يذهبوا باتجاه هيئة التنسيق النقابية

لن يعثر المهتم في أرشيف الصحف طيلة خمسة عشر عاماً، وكذلك في بيانات الاتحاد أو تصريحات قياداته، على ما يدل على تعليق أو مقال أو موقف أو مؤتمر صحافي يتعلق ولو بقضية واحدة مهمة تتعلق بالأجر أو بالحماية الاجتماعية أو بالعمال المهاجرين أو بالاقتصاد الموازي والحريات النقابية وغيرها من المسائل التي تضج بها تقارير المؤتمرات السنوية، قبل وأثناء وبعد انتهاء أعمالها، ما عدا الكلمة «الفلوكلورية» التي يلقيها رئيس الاتحاد في المؤتمر، علماً أن ذلك لا ينحصر فقط بالوفد العمالي وحده بل أيضاً بشركائه من ممثلي الحكومة وأصحاب العمل وصندوق الضمان الاجتماعي.
حجة الاتحاد العمالي للمشاركة «الهزلية»، كونه الأكثر تمثيلاً لعمال لبنان، وهي حجّة سقطت بقوة، ليس فقط عند توقيعه اتفاق الاذعان (مطلع عام 2012 على أبواب القصر الجمهوري) بين حيتان المال والمتسلطين على تمثيل العمال، بل خصوصاً في السنوات الثلاث الاخيرة، التي حفرت فيها هيئة التنسيق النقابية موقعاً لها على كل المساحة النقابية ولا تزال، بغض النظر عما ستؤول اليه معركتها لاقرار سلسلة الرتب والرواتب لاحقاً، بل حتى بغض النظر عما لهيئة التنسيق النقابية وما عليها (http://www.al-akhbar.com/node/208211). فالاتحاد العمالي الذي سارع الى تبني قضية العمال المياومين لم يكن بسبب استفاقة ضمير مفاجئة، وهو الذي كان قد تواطأ ضدهم في صفقة الاتفاق السياسي الطائفي قبل أكثر من عام، فتحرك قيادة الاتحاد العمالي نحو رفع قضية المتعاقدين والمياومين كانت بهدف احتواء تركاتهم مجدداً كي لا تصبح ضاغطة على السلطة وعلى الأحزاب السياسية والطائفية في السلطة وحولها وخصوصاً كي لا يذهب هؤلاء المياومون باتجاه المركز النقابي الجديد المحتمل، أي هيئة التنسيق النقابية، وبالأخص منهم مياومو الدولة والمصالح المستقلة وقطاع التعليم وهم بعشرات الالاف. هنا تجب العودة الى اعلان الاتحاد العام الاضراب والاعتصام الفاشلين في 30 اذار الماضي، ذلك التحرك المشبوه لقطع الطريق على هيئة التنسيق كممثل حقيقي وواعد بحركة نقابية جديدة من جهة وللاستعمال السياسي بتحديد الاعتصام يوم الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ما يذكر بالاضراب والتظاهر في السابع من ايار عام 2008 الشهير حيث كان الاتحاد بمثابة حصان طروادة لاحداث تلك الأيام بصرف النظر عن الموقف السياسي من تلك الاحداث، بل لتأكيد تحول الاتحاد أو تحويله الى مطية سياسية ليس فيها للعمال لا ناقة ولا جمل ولا مطلب.
وعلى النهج نفسه تسير قيادة الاتحاد العمالي في الضمان الاجتماعي. فبدلاً من النضال في سبيل تحقيق التغطية الصحية الشاملة لجميع المقيمين في لبنان تنادي فقط بشمول فئات جديدة كرشوة لها لا كحق وتنادي بإبقاء الضمان الصحي للمضمونين حالياً بعد تقاعدهم، وبدلاً من الاصرار على تثبيت المياومين العاملين في الصندوق نفسه وهم أكثر من 250 موظفاً وموظفة، تستنفر قيادة الاتحاد بكل قوتها لتمرير مشروع تقسيط جديد لديون الصندوق على أصحاب العملٍ، وبدلاً من ايلاء كل الاهتمام لفضيحة التزوير في دوائر الصندوق وخصوصاً لمصلحة براءة الذمة حيث تهدر عشرات الملايين من الدولارات ينهبها أصحاب العمل والسماسرة بمن فيهم أعضاء من مجلس ادارة الضمان من العمال، بدلاً من ذلك يختلف ممثلو العمال في الصندوق على ذهاب أحد الأعضاء من بينهم الى جنيف للسياحة أيضاً على حساب الضمان بحجة المؤتمر لدرجة قد تهدد بقاء مجلس الادارة الحالي غير المأسوف عليه.
وفي المناسبة، فإن مجلس ادارة الصندوق الحالي للضمان بات غير شرعي منذ أكثر من عشر سنوات، اذ انقضت فترة ولايته وجرى التمديد له من قبل أحد وزراء العمل في حينه بقرار نص على بقائه حتى انتخاب مجلس جديد من دون تحديد أي مهلة، وهو قرار لا سابق له على الاطلاق في الادارة اللبنانية.
أخيراً، ليس صحيحاً أن اتحاداً عمالياً عاماً فاقداً للتمثيل وعاجزاً عن المبادرة وغير راغب فيها وممدداً له بصورة غير شرعية هو اتحاد غير مهم ويمكن تجاهله. والخطر في ذلك أنه لا يزال شكلياً ورسمياً الأكثر تمثيلاً وبالتالي الممثل «الشرعي» للعمال في الضمان الاجتماعي وسائر الهيئات الثلاثية التمثيل بما فيها مؤتمر العمل الدولي، والأخطر أنه الأكثر استعمالا لغايات سياسية واقتصادية من قبل السلطة وأصحاب العمل على حساب العمال.