لم يشفع تراكم الثّلوج على جرد عاليه في حلّ أزمة المياه التي تُعاني منها بلداته. المياه لا تصل إلى منازل الجرد الذي يُعدّ خزّان المياه الجوفية. طرقاته تُغرقها السّيول وتقطعها الصهاريج التي تبيع المياه!
تُعتبر بلدة شارون نموذجاً يعكس حجم المعاناة التي يعيشها أبناء المنطقة. خزّان تجميع المياه الآتية من عين صفيات لتغذية منازل البلدة القديمة فارغ. فهو يعتمد على مبدأ الجاذبية. إلا أنّ الخط الذي يوصل المياه يتعرّض دائماً لأعطال، بسبب انجراف التربة.

ولفت رئيس بلدية شارون، مهنا البنا، لـ«الأخبار» إلى أنّ «أزمة المياه تتوارثها البلديات المتعاقبة ولا تتعلّق فقط بمسألة إصلاح خطّ المياه. فالخزان الذي أنشئ قبل عقود، بات لا يلبّي حاجة شارع أو منطقة في البلدة في ظلّ النمو السكاني والعمراني».

ومن المشكلات المستجدة التي تقطع المياه عن شارون، انقطاع الكهرباء عن محطة الضخ في منطقة عين الحزابل لتأمين ضخ المياه إلى الخزان في منطقة جبل الروس. في وقت لا يوجد موظف يشرف على تعبئة الخزان.

البنا استعرض مشاريع عدة اقترحتها البلدية على وزارة الطاقة والمياه لحلّ أزمة المياه «بعضها تمّت الموافقة عليه منذ أكثر من 3 سنوات لكنّه لم يُنجز مثل مشروع إقامة خزان جديد للمياه بدأ تنفيذه قبل أن يتوقّف العمل به لأسباب مجهولة. إلى جانب مشروع حفر بئر ارتوازي جديد مجمّد بالرغم من نشر إعلان تلزيمه في الجريدة الرسمية عام 2017. علماً أنّ مشروع تغيير شبكة المياه القديمة موافق عليه ونُشر في الجريدة الرسمية عام 2019».

المياه في مدينة عاليه ليست أفضل حالاً من القرى المحيطة بها. رئيس بلدية عاليه، وجدي مراد، اشتكى لـ«الأخبار» عن «التقصير الحاصل بحق المدينة على صعيد تأمين المياه، لا سيّما مع ارتفاع عدد السكان إلى قرابة ستين ألف نسمة»، وقال إنّ «أسباب الأزمة كثيرة منها الاستنسابية في توزيع المياه»، مطالباً مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان بالرقابة على الموظفين.

يُشير مراد إلى حفر ثلاث آبار للمياه وتسليم اثنين منها إلى الدولة لتشغيلها بعد أن أمّن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المضخّات، «لكنّ المياه لم تؤمّن للمدينة لأنّ مؤسسة المياه لا تملك الإمكانيات والمعدات والقساطل ولا يتوافر المازوت لديها لتشغيل المولّدات. فيما المواطن هو الضحية»، بحسب مراد. وتساءل عن «كيفية تأمين المياه للصهاريج الخاصة بينما تغيب مياه الدولة عن منازل المواطنين وأبناء المدينة؟».

من جهته، أشار رئيس دائرة عاليه في مياه بيروت وجبل لبنان، يونس الجرماني – ملاعب، في حديث لـ«الأخبار» إلى أنّ أزمة انقطاع المياه في منطقة جرد عاليه مرتبطة بأزمات البلد بشكل عام «نعاني كباقي مؤسسات الدولة نتيجة التضخّم الحاصل بسعر الصرف وفقدان المواد الأولية التي تشغل المولّدات». ويلفت إلى أنّ المولدات «تحتاج إلى حوالى 160 ليتر زيت كلّ 10 أيام، وحوالى أربعة آلاف ليتر من المازوت يومياً، والسؤال هو عن كيفية تأمين المتطلبات في ظل وضع الدولة الحالي؟».

يقرّ ملاعب بوجود الأعطال «نصلح الأعطال ضمن إمكاناتنا»، مذكّراً بأنّ «رواتب موظفي المؤسّسة لا تتجاوز سقف الـ800 ألف ليرة، الذي لم يعد يساوي ثمن صفيحتي بنزين». وعليه، لا يمكن توقّع مخرج قريب لأزمة مياه جرد عاليه «الحل بعهدة المسؤولين. لكنّنا كموظفين نقوم بعملنا مع أننا نعيش معاناة كبيرة جرّاء ارتفاع ثمن قطع الغيار إلى جانب السرقات التي تتعرّض لها كابلات الكهرباء».