أثار القرار الذي اتّخذه رئيس دائرة التنفيذ في زغرتا أنطونيوس الحايك وحمل الرقم 183 / 2018، بعرض وقف بربر آغا الكائن في بلدة إيعال، للبيع بالمزاد العلني في جلسة ستُعقد في 15 كانون الثاني الجاري، حملة اعتراضات واسعة عليه سواءٌ في داخل البلدة أو من مرجعيات دينية سنّية، انطلاقاً من اعتبار أنّ الوقف لا يجوز بيعه شرعاً في الدّين الإسلامي، مثلما أفتى كثيرون، خصوصاً أنّ الوقف لا يضمّ أراضيَ فقط إنّما يضمّ أيضاً قلعة أثرية كبيرة ومسجداً.
والقرار، الذي اتخذه الحايك، جاء بناءً على قرار الحكم الصادر عن القاضي المنفرد في محكمة التمييز رقم 4 / 1997، والمنفّذان هما: محمد نبيل فتّال وعبد الرؤوف العرجة كونهما متولّيين عن الوقف.

وتمتدّ مساحة الوقف، الذي أقامه مصطفى بربر آغا (وُلد عام 1767 وتوفي عام 1835)، والي طرابلس في القرن التاسع عشر، وتحديداً في عام 1818، على 8455 متراً مربعاً في العقار رقم 740 في إيعال. وبحسب الصحيفة العقارية، فقد كُتِب تحت عنوان أسماء المالكين: وقف مصطفى آغا بربر/ ذرّي، خيري، يعود إلى ذرّيّة الواقف وفق شروط الوقفيّة المدوّنة في الحجّة المؤرّخة في 25 جُمادى الآخرة سنة 1231هـ، وقد توارثت ذرّية مصطفى بربر آغا هذه الأملاك منذ ذلك الحين.

بربر آغا()

أهالي إيعال، ذات الغالبية السنّية في قضاء ذي غالبية مسيحية، الذين أعلنوا رفضهم بيع الوقف، وأطلقوا وسماً حمل عنوان «أوقفوا بيع وقف إيعال»، وزّعوا بياناً أكّدوا فيه رفضهم التّام لبيع الوقف، معتبرين أنّ «ما يقوم به متوليا الوقف خاطئ، ونابعٌ من جشع»، وأنّ «الأمور يمكن إيجاد حلول لها غير البيع كون ذلك له ارتدادات سلبية، خصوصاً في حال اشترى الوقف أشخاص ليسوا من أبناء البلدة أو من محيطها، وسيكون حكماً له تأثيرات سلبية على العيش المشترك في قضاء زغرتا»، لافتين إلى أنّه «سوف يكون لهم تحرّك رافضٌ لهذا الأمر»، ودعوا دار الفتوى «للتحرّك السريع لوقف تنفيذ هذا القرار للحفاظ على الوقف».

إمام وخطيب الجامع الحميدي في طرابلس والعضو السابق في مجلس أوقاف طرابلس، الشيخ وليد علوش، لفت في دراسة له نشرها حول الموضوع أخيراً، إلى أنّ «للوقف قيمة ﺗﺎريخية ﺑﺎلإضافة إلى القيمة المادية لا يجوز التفريط فيها»، مشيراً إلى أنّ الحجّة الوقفية «تضمّنت أمراً في غاية الأهمية لجهة تحديد المستفيدين منها، هو أنّ بربر آغا استعمل كلّ أساليب التوكيد في اللغة العربية للنصّ على تحديد طبيعة وقفه وﺗﺄبيده، لما أشارت الحجّة حرفياً: وقفاً صحيحاً شرعياً وحبساً مؤبّداً مرعياً، لا يباع ولا يُشترى، ولا يُبدّل ولا يُستبدل، ولا يوهب ولا يُستوهب».
حجّة بربر آغا الوقفية()


وعلى المنوال نفسه، سار الشيخ أحمد المير، الذي دعا مفتي الجمهورية وقائمّقام مفتي طرابلس والشّمال والمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى إلى «إيقاف هذه المهزلة والفعل الشنيع»، متهماً متوليَي الوقف بأنّهما «يريدان الاستفادة من عملية البيع كي يحصلا على نسبة 2.5%، وأنّهما بعد التصدّي لهما في القضاء الشّرعي وفي مديرية الأوقاف ذهبا إلى القضاء المدني، علماً أن لا دخل للقضاء المدني في هذا الأمر».

لكنّ متوليَي الوقف، فتّال والعرجة، أصدرا بياناً أوضحا فيه أنّ «دوائر الأوقاف في بيروت وطرابلس وكل لبنان قامت وتقوم ببيع مئات العقارات الوقفية الذرّية عن طريق الاستبدال، فهل وافق المفتون على أمرٍ محرّم شرعاً؟»، ولفتا إلى أنّ «المستحقّين للوقف يطالبون المتولييْن ويلحّون في الطلب، لبيع العقارات الوقفية الذرّية لأنّهم بحاجة إلى ثمنها وخاصّة في هذه الظروف القاهرة، حيث أصبح 90% منهم تحت خطّ الفقر»، مشيرين إلى أنّ «الذين يحتلون هذه العقارات لم يدفعوا قرشاً واحداً منذ عشرات السنين، وأنّ الذين يهاجمون المتوليين ليسوا من المستحقّين، بل هم الذين يحتلون عقارات الوقف الذرّي في إيعال».

إعلان البيع في المزاد العلني()

إعلان البيع في المزاد العلني()

قلعة بربر آغا ()