في 8 تشرين الثاني الجاري، وجّه مدير تكميلية بخعون الرسمية المختلطة (البنات سابقاً)، ماجد الصّمد، كتاباً عبر منصّات وسائل التواصل الاجتماعي إلى المغتربين من أبناء البلدة، لفت نظرهم فيه إلى أن المدرسة «تعاني من أزمة تطاول طلّابها، البالغ عددهم 300 طالب».

وممّا كتبه، أن المدرسة التي تحتضن «أبناء بلدتكم وأقاربكم»، تعاني من هذه الظروف بسبب «تراجع دعم الدولة لها، وانهيار العملة الوطنية والارتفاع الجنوني للأسعار»، داعياً إياهم إلى «مدّ اليد إليها ومساعدتها، ولو بمبادرات بسيطة لا تكلّف كثيراً، والوقوف إلى جانبها».

لم يطل الانتظار كثيراً، إذ بدأ بعض المغتربين يتّصلون بالصّمد ليعبّروا عن دعمهم لخطوته، وليبادروا إلى تقديم ما يلزم للمدرسة، في بلدة تُعتبر الأكبر في الضنّية من حيث تعداد السكان فيها، ويوجد فيها 7 مؤسّسات تربوية موزّعة بين تكميلية وثانوية ومعهد فنّي، 5 منها رسمية و2 خاصّة، فيما الكثير من أبنائها منتشرون في بلاد الاغتراب.

ومن بين هؤلاء، رجل أعمال مقيم في الكويت، أفضى اتصال بينه وبين الصّمد إلى تبنّيه دفع بدل النّقل عن كلّ يوم عمل، لـ12 أستاذاً متعاقداً مع المدرسة، ممّن يقيمون في مناطق بعيدة عنها، موزّعة بين طرابلس وزغرتا وبعض بلدات وقرى الضنّية، علماً أنهم يتكبّدون عناء دفع بدل نقل من منازلهم إلى المدرسة يساوي، أو يفوق حتى، قيمة بدل أجر الساعة التي يدرّسونها، البالغة 20 ألف ليرة. وقد خلقت هذه المبادرة ارتياحاً كبيراً بين هؤلاء الأساتذة.

لكن مبادرة رجل الأعمال، لم تقف عند هذا الحدّ، إذ أبلغ الصّمد استعداده دفع بدل شهري يبلغ مليون ليرة لجميع الأساتذة المتعاقدين في المدرسة، وهم 25 أستاذاً، ابتداءً من شهر تشرين الثاني الجاري، وحتى نهاية العام الدّراسي، إضافة إلى دفعه البدل نفسه إلى 3 خدم ومدرّسين اثنين للتربية الدينية. وقد بدأوا بقبض هذه المبالغ هذا الأسبوع، فور وصولها، ما أثار ارتياحاً أيضاً في صفوف الأساتذة المتعاقدين والمستخدمين في آن معاً، الذين لم يعتادوا قبض بدل شهري لقاء عملهم، حتّى من وزارة التربية نفسها.

هذه الخطوة جعلت منصّات وسائل التواصل الاجتماعي، في بخعون والضنّية وخارجهما، تضجّ بهذه المبادرة وتشيد بها، وتدعو إلى الاقتداء بها لإنقاذ العام الدراسي من الضياع، والنّهوض بالقطاع التربوي الذي يعاني من صعوبات كبيرة، بسبب عدم قدرة الدولة على القيام بواجباتها نحوه. وقد أشار المواطنون إلى أنّ مبادرات من هذا النوع من شأنّها أن تسدّ النّقص الفادح الذي تعانيه المدارس الرسمية، في مناطق الأطراف تحديداً، خصوصاً أنّ هناك مغتربين كُثراً قادرين على القيام بمثلها في مناطقهم.

مبادرة من هذا النّوع أثارت إلى جانب ذلك لغطاً واسعاً في البلدة وفي المنطقة، بعدما أشار البعض إلى أنّ ما قام به رجل الأعمال «أنقذ المدرسة من الإقفال»، ما دفع إدارتها إلى إصدار بيان توضيحي، أشارت فيه إلى أنّها «مدرسة رسمية تلتزم بقرارات وزارة التربية، ولم تكن يوماً في طور الإقفال»، متوجّهة بالشّكر إلى «اليد البيضاء التي ساعدت في تخفيف الأعباء المعيشية عن كاهل المتعاقدين والمستخدمين»، وإلى «جميع أفراد الهيئة التعليمية والمستخدمين على التحاقهم بوظيفتهم، وحرصهم على تأدية واجبهم تجاه طلّابهم، برغم الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد، وعزمهم على الاستمرار مهما ضاقت بهم السُّبل».