من دون وجل، عمد تيار المستقبل على استثمار انفجار مخزن الوقود في التليل العكارية، سياسياً وانتخابياً وطائفياً. وبالرغم من ثبوت تورط شخصيات محسوبة عليه من بينها نواب في جريمة التليل وجريمة التهريب والاحتكار، إلا أن التيار الأزرق وعلى رأسه سعد الحريري لم يتوانَ عن استغلال دماء الضحايا. فقد كتب في تغريدة لافتة على حسابه على «تويتر» صباح اليوم: 4 و15 آب فوق صورتي انفجار مرفأ بيروت وانفجار مخزن التليل وذيلها بوسم #عهد_جهنم، مصوباً على رئيس الجمهورية ميشال عون. تغريدة الحريري أذكت أجواء التوتر الطائفية التي استعرت في عكار المنكوبة عقب الترويج بأن صاحب الأرض ج. أ. التي يقع عليها الخزان الذي انفجر، محسوب على التيار الوطني الحر و على نائبه في عكار أسعد ضرغام. ما دفع ببعض الغاضبين إلى التوجه نحو منزل صاحب الأرض و إحراقه، فيما تلقى ضرغام تهديدات بالإعتداء على منزله في بلدة هيتلا المحاذية للتليل. ضرغام وبناء على نصائح من أجهزة أمنية غادر منزله و توجه إلى بيروت، علماً بأنه «لاتربطه معرفة شخصية لا بصاحب الارض و لا بصاحب الخزان» وفق مصادر مواكبة. لكن بالنظر إلى سيرة صاحب الأرض المتعهد، يتبين أنه وشقيقه شريكان لنائب المستقبل في عكار طارق المرعبي في قطاع التعهدات والكسارات والمرامل. أما صاحب الخزان ع. ف. الموقوف منذ شهرين بناء على إخبار ضده، بتخزين البنزين في الموقع نفسه، فإنه قريب من نائبَي المستقبل وليد البعريني ومحمد سليمان. وهو ما أكده بيان التيار الوطني الحر الذي صدر قبل قليل رداً على حملات «المستقبل». ولفت فيه إلى أن «القاصي والداني يعرف قيام أكثر من نائب في تيار المستقبل في عكار بامتلاك أو رعاية شبكات تخزين وتهريب المحروقات الى سوريا، وهو ما كان رئيس التيّار جبران باسيل قد أعلنه جهارةً أمامهم في المجلس النيابي في شهر حزيران الماضي، من دون أن يرتدعوا».
لا ينقص عكار المهمشة والمحرومة سوى أن يتورط ممثلوها بلعبة قتلهم عبر حرمانهم من البنزين والمازوت وتخزينه أو تهريبه إلى سوريا. وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» بأن أحد النواب ويوصف ب"ملك التهريب" إلى سوريا «لديه مجموعة من المسلحين الذين ينشرهم على طول الطريق من منشآت النفط في البداوي إلى عكار لمصادرة أي صهريج يتوجه نحو عكار. وعمد في معظم الأحيان إلى مصادرة حمولة الصهاريج كافة بقوة السلاح أو تفريغ جزء منها. وهو ما مكنه من تجميع حوالي مليون و 600 الف ليتر من المازوت والبنزين وبيعها في السوق السوداء أو تهريبها إلى سوريا». وكانت «الأخبار» قد أفردت مقالات عدة في وقت سابق للإضاءة على تقاعس القوى الأمنية والجهات الرسمية عن التدخل و ضبط عمليات «التشبيح» والمصادرة في الوقت الذي ترزح المحافظة تحت الظلام وتوقفت الكثير من الأشغال، لا سيما المؤسسات الصحية (راجع الدولة للعكاريين: «دبّروا راسكن»).

وفي مقال آخر نشر يوم أمس بعنوان (بيان رقم 1 لـ«القوة الضاربة» في عكار)، نقلت «الأخبار» تصريحاً للمفتش الديني في دائرة الأوقاف الاسلامية الشيخ خالد اسماعيل، ابن بلدة فنيدق، يصوب خلاله على «أكبر خط تهريب في شمال لبنان للمواد النفطية والغذائية والدوائية و.... يمر من منطقة جرد القيطع».
وعلى صعيد التحقيق في الملابسات التي أدت إلى انفجار مخزن التليل، نقلت معلومات أمنية بأن «ثوار البيرة – عكار (يقفون خلف بيانات القوة الضاربة في عكار التي وزعت امس) كشفوا النقاب عن المخزن عصر أمس بعد إعلان الجيش اللبناني عن البدء بمداهمة المخازن ومحطات الوقود التي تخبئ. وتوجهوا اليه وبدأوا بالبث المباشر من الموقع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى توجه الكثيرين إلى هناك». الجيش تبلغ بالتجمع الحاصل حول الموقع الذي يشكل خطراً على السلامة العامة. «وبدلاً من أن يفرض طوقاً حول الخزان و يمنع أياً كان من الاقتراب، قام بتعبئة صهريج تابع له يدوياً، قبل أن يغادر، فيما بدأ المواطنون بغرف البنزين من الخزان كأنهم يغرفون المياه من النهر»، بحسب المعلومات. ولم يُحسم التحقيق حتى الآن سبب الحريق الذي تسبب بالكارثة، سواء ارتطام قداحة سجائر على الأرض أو قيام نجل صاحب الارض بإطلاق النار على الخزان لتفريق الجموع.