هبوط مسابقة اللغة العربية على لجنة المادة في شهادة الثانوية العامة، بفرعيها العلوم العامة وعلوم الحياة، من دون المرور ببنك الأسئلة، ترك علامات استفهام كثيرة بشأن مسؤولية رئيس اللجان الفاحصة المدير العام للتربية ومقررة اللجنة وأعضائها في اختيار مسابقة كاملة بنصها وأسئلتها وتعبيرها الكتابي، تبيّن أنها متداولة عبر مجموعات «واتساب» لأساتذة المادة، ومطروحة كامتحان في أكثر من مدرسة وثانوية خاصة ورسمية، منها على الأقل ثانوية العين الرسمية في بعلبك وثانوية المربي مواهب أسطى الرسمية للبنين في طرابلس، ومدارس المهدي التابعة للمؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم.المدير العام للتربية فادي يرق أكد «أننا سمعنا بالموضوع مثل الآخرين وفتحنا تحقيقاً لمعرفة ملابساته، وستصدر النتيجة خلال يومين، وتتخذ الإجراءات القانونية بحق من يتبين أنه ارتكب مخالفة». وعن الاستعانة ببنك الأسئلة في اختيار المسابقات لهذا العام في كل المواد، اكتفى بالقول لـ «الأخبار» إن هذا الإجراء «إداري»، من دون أن يفصح عما إذا كان يجري استخدامه أم لا، لكنه أقر بأنه لم تتم تغذية هذا البنك بمسابقات جديدة، خلال الأعوام الدراسية الأخيرة 2018 -2019، 2019 ـ2020 و2020 ـ 2021 لأنه لم تجر امتحانات رسمية العام الماضي كما جرى تقليص المناهج وطرأ تعديل على نماذج الأسئلة.
في حال سحبت المسابقة من بنك الأسئلة، فإن البروتوكول يقتضي بأن يضع معدّ المسابقة اسمه واسم مدرسته ورقم هاتفه عليها. لكن في حالة مسابقة اللغة العربية تحديداً فإنها، استناداً إلى المدير العام، لم تسحب حتماً من بنك الأسئلة بما أن النص كتبته الباحثة مهى قمر الدين في مجلة العربي في كانون الأول 2018، والمسابقة طرحت للمرة الأولى في مدارس المهدي في العام الدراسي 2019 ـ 2020، كما تقول مصادر تربوية في المؤسسة، وليس هذا العام. أي أن مرشحي المدارس لهذا العام لم يكونوا على علم بها أيضاً. وشددت المصادر على أنها كانت مسابقة داخلية مشتركة بين المدارس ولم ترسل إلى وزارة التربية، إذ ليس للمشرفين على المادة في المؤسسة أي علاقة بلجنة المادة في الامتحانات الرسمية، وإذا جرى تداول المسابقة بطريقة أو بأخرى عبر مجموعات الأساتذة، فهذا ليس من مسؤولية المؤسسة بل إن مسؤولية الوزارة التحقق من الأمر. وهنا يطرح السؤال كيف وصلت المسابقة إلى اللجنة، ومن أرسلها وهل جرى التأكد من مصدرها، ومما إذا كانت متداولة أم لا؟
المفتشة العامة التربوية، فاتن جمعة، اعتبرت أن ما نشر في الإعلام «هو بمثابة إخبار سيعمل التفتيش التربوي على التحقق منه وسترتب النتيجة مسؤوليات قانونية على المخالفين لأبسط قواعد الامتحان، وهو تأمين العدالة وتكافؤ الفرص بين الممتحنين». مصادر الأساتذة تتطلع إلى أن تصدر العقوبة قبل امتحانات الدورة الثانية لقطع الطريق على ارتكابات من هذا النوع.
لكن ماذا لو لم يستخدم بنك الأسئلة فعلاً في كل المواد، هل ستصرف التعويضات للعاملين فيه، علماً أن البنك هو أحد مكوّنات جهاز اللجان الفاحصة في الامتحانات الرسمية، وتحدد هيكليته وآلية عمله بقرار يصدر عن المدير العام للوزارة، فيما يوقّع على التعويضات وزير التربية منفرداً، من دون حاجة إلى توقيع وزير المال على غرار بقية تعويضات الامتحانات. وكان هذا الأمر إلى جانب معايير اختيار أعضاء اللجان ووجود مرجعيتين للبنك: رئيس لجنة البنك المدير العام للتربية، ومقررة لجنة البنك مديرة الإرشاد والتوجيه هيلدا خوري، قد أثار في وقت سابق شبهات لدى التفتيش التربوي في شأن شفافية الامتحانات، في التقرير الذي أعده عن هيكلية بنك الأسئلة وعمله وتعويضات لجنته وضوابطه في امتحانات الشهادة المتوسطة والثانوية العامة بفروعها الأربعة للعام الدراسي 2017 - 2018. يومها، علقت لجنة الامتحانات في المفتشية العامة التربوية أن البنك «عمل راقٍ يوفر الكثير من الجهد ليلة الامتحان لأنّه يقطع الطريق على أي إمكانية للإيحاء بأسئلة المسابقات، شرط أن يتمتع هذا العمل بدرجة قصوى من السرية والتكتم على النماذج التي تدخل بنك الأسئلة». لكن هذا الأمر كان موضع شك بالنسبة إلى المفتشية.