انتشرت أمس على مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات الأخبار على الهواتف، رسالة صوتية بدت أنها لأحد المهربين، الذي شكا لزملائه من الفوضى التي تسود إحدى خطوط التهريب بين عكار والهرمل، نحو سوريا!

وقد رفع المهرّب الصوت عالياً، باسمه وباسم عدد من المهربين، شاكياً الفوضى العارمة التي تجتاح العمل، ما أدّى إلى تعطّل أعمال البعض وتحويلهم إلى عاطلين عن العمل، من الجانبين السوري واللبناني. ودفع ذلك أيضاً بعدد منهم إلى الاعتراض وقطع الطريق عند نقطة النعناعة- الحرف «لحين إعادة تنظيم العمل»، بحسب أحد المهرّبين في المنطقة.

ومما قاله أيضاً في رسالة صوتية: «تم إغلاق الطريق لمصلحة الجميع بهدف تنظيم العمل للاستفادة من الفرصة التي توافرت للجميع في هذه الأزمة. ولكن ما يجري هو احتكار للعمل من قبل بعض المهربين، الذين باتوا يعمدون إلى إفراغ البضاعة مباشرة بالصهاريج والكميونات الآتية من جانب عكار، إلى الزبائن من الجانب السوري، من دون المرور بأصحاب المصالح في جرد النعناعة - بيدر الحرف في جرود الهرمل».

في الواقع، يعكس كلام المهرب مدى الحركة الناشطة للتهريب من لبنان إلى سوريا عبر الهرمل - بيت جعفر، وصولاً إلى البلدات السورية المحاذية. وفي ذروة الحركة، تم تجاوز دور الوسيط، فبرزت الخلافات بين المهربين وأصحاب المصالح المسيطرين تاريخياً على الجرد في تلك المنطقة، والذين يرفضون أن يتحولوا إلى مجرّد نواطير للمهربين.

في الإطار، أدّت الحركة الاحتجاجية إلى قطع الطريق، وإعادة الشاحنات المحمّلة بالبصائع من الجانب اللبناني إلى جرود عكار، وتحديداً إلى مرشحيم.

في لبنان، لكلٍّ همّه الشاغل إذاً. فحتى فئة المهربين القليلة لديها شؤونها وشجونها وشكواها الخاصة. لكنهم يدركون من جهة أخرى، أنهم يتسببون بأتعاب لعموم المواطنين من جرّاء التهريب. فحركة التهريب الناشطة على الحدود بين محافظتيّ عكار وبعلبك الهرمل إلى سوريا يقابلها شح المواد في عكار، وطوابير المواطنين أمام محطات المحروقات، وصرخة المزارعين العاجزين عن ريّ مزروعاتهم بسبب غياب مادة المازوت، وعجز أصحاب المؤسسات والمعامل عن تشغيل مؤسساتهم جرّاء عدم توفر الوقود.

كذلك، يقابل الفوضى على خط التهريب إشكالات يومية وإطلاق نار على محطات الوقود، وسعي لتأمين الأدوية المفقودة من الصيدليات من دون جدوى. وبالرغم من ارتفاع الأصوات المطالبة بضبط الحدود لمنع انتقال قوافل التهريب إلى خارج الأراضي اللبنانية، إلا أن شيئاً لم يتغيّر على أرض الواقع، وسط معلومات عن تسهيلات يتلقاها المهربون من قبل الأجهزة الأمنية ومرجعيات سياسية. وعليه، لن يكون مستغرباً إن شهدنا قريباً نقابة للعاملين في قطاع التهريب!

في السياق، علمت «الأخبار» أن المهربين يضغطون على المرجعيات العائلية والسياسية من الجانبين لحل الخلاف القائم، وتنظيم العمل بما يتيح للجميع الاستفادة، وحفظ لقمة عيش أصحاب المصالح على طريق العبور، وبالتالي فتح الطريق أمام قوافل التهريب.

يشار إلى أن المهربين من مجدل عنجر نفّذوا من جهتهم، وقفة احتجاجية قبل مدة وقطعوا طريق المصنع الدولية، بعدما عمدت الأجهزة الأمنية إلى التدقيق بالبضائع المتوجهة الى سوريا.