من المنتظَر أن يتم غداً الجمعة، التجديد لثلاثة مستشارين مكلّفين بمؤازرة مؤسسة مياه البقاع، لتنفيذ مشروع «الحد من تلوّث بحيرة القرعون». وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال، والوصيّ على المؤسسة، ريمون غجر، تراجع عن رفضه التجديد للفريق الذي كان قد أعلنه في كتاب سابق مؤرّخ بـ6 نيسان الماضي. فبعد ثلاثة أشهر، غيّر رأيه وغطّى استمرارية عمل الفريق للسنة الخامسة على التوالي، بالرغم من الانتقادات التي تطال أداءهم. ذلك التجديد سوف يؤمّن للثلاثة مورداً سنوياً بقيمة 50 ألفاً و160 دولاراً لكل منهم، من القرض الذي منحه البنك الدولي للدولة اللبنانية، ممثلة بمجلس الإنماء والإعمار عام 2016. هذا بالنسبة إلى الاستفادة الفردية لأعضاء الفريق. لكن ماذا عن الاستفادة العامة، لا سيما أن القرض الذي تترتّب فوائده على جيوب المواطنين، مخصّص لتنفيذ مشروع «التخفيف من كمية مياه الصرف الصحي غير المعالج التي يتم تصريفها في النهر، وتحسين إدارة التلوث حول بحيرة القرعون». في حين أن تلوّث الليطاني يتفاقم، ونوعية المياه في القرعون تتراجع إلى حدّ خطير. كل ذلك يحصل بعد أربعة أيام من إعلان رئيس الجمهورية ميشال عون أنه طلب من ممثّلي البنك الدولي في لبنان «إعادة هيكلة القروض التي لم تستعمل، وفق الأولويات».
انقر على الصورة لتكبيرها


في أيلول من عام 2016، وُقّعت اتفاقية القرض بموجب القانون رقم 64/2016، الصادر عن مجلس النواب الذي وافق على اقتراض 55 مليون دولار أميركي لرفع التلوث عن البحيرة. وحدّدت الاتفاقية موعد بداية المشروع بنهاية عام 2016، على أن ينجز في تموز من عام 2023. في عام 2020، أجرى فريق من البنك الدولي مراجعة للتحقق من تقدّم الأعمال. فإن «المراجعة النصف مرحلية للمشروع، أظهرت تأخراً كبيراً في تحقيق أهدافه، لا سيما في إنشاء شبكات الصرف الصحي. إذ لم يكن قد أُنجز حتى ذلك الحين سوى أقل من 10 في المئة من الشبكات العمومية والموصولة بالمنازل». ومن الثغرات التي عرقلت تنفيذ المشروع، «الأداء السيئ الإداري».

مفوّض الحكومة لدى مؤسسة مياه البقاع، أجرى تقييماً لعمل الفريق لمناسبة قرب انتهاء مدة عقده. وقال في تقريره الموجّه إلى وزارة الطاقة والمياه، إن «أربعة من أعضاء مجلس إدارة مؤسسة مياه البقاع، يرفضون التجديد لعقد كل من شربل بشير وماري نحّاس وروي يزبك، لعدم الجدوى من وجودهم في ظل التدهور في أوضاع المؤسسة على المستويات كافة. في حين أن عملهم مموّل من قروض وليس من جهات مانحة، ما يشكل ديوناً إضافية على الدولة». ومما جاء في تقييم المفوض، بأن الثلاثة «لا يخضعون لأيّ رقابة ولا لتقييم لأدائهم، ويقومون فقط بإعداد تقارير». ومن الأدلة التي قدّمها لسوء أدائهم، استحضاره لما ورد في جلسة مجلس إدارة «مياه البقاع» في 10 شباط الماضي، حين وافق على هبة من وكالة التنمية الأميركية بقيمة 19 ألف دولار لتجديد الرخصة السنوية لنظام المعلوماتية. «تبيّن لنا أن أحد أعضاء فريق المؤازرة، يعمل على البرنامج منذ سنوات. وأفدنا بأن المعايير الموضوعة لم تكن كافية، ما كلّف العمل تكاليف باهظة».

أخذ الوزير غجر بملاحظات أعضاء مجلس إدارة المؤسسة والمفوّض، وأبلغ «الإنماء والإعمار» في نيسان الماضي برفضه التجديد للثلاثي، مقترحاً تعيين بدلاء عنهم من موظفي المؤسسة الذين اكتسبوا الخبرة اللازمة.
لكن لمدير عام «مياه البقاع» رزق رزق رأي آخر. في كتاب أرسله لغجر، تمسك رزق بالثلاثة، مشيراً إلى «الحاجة الملحّة للمؤازرة من قبل مختصين، كون المؤسسة تعاني من نقص حادّ في العاملين، خاصة من أصحاب الشهادات وأصحاب الخبرة». كتاب رزق جعل غجر يعدّل موقفه ويعيد إرسال كتاب إلى «الإنماء والإعمار» في 7 حزيران الجاري، يبلغه فيه موافقته على التجديد للفريق. لكن المصادر قالت لـ«الأخبار»، إن لتراجع غجر عن رفضه عوامل مرتبطة بضغوط سياسية تعرّض لها، لكون الثلاثة مقربين من التيار الوطني الحر.

وفي حديث إلى «الأخبار»، نفى رزق الاتهامات للخبراء الثلاثة بالانتماء السياسي أو بالتقصير، رافضاً تقييم مفوّض الحكومة وبعض أعضاء مجلس إدارة مؤسسته، قائلاً: «المفوّض ليس المدير العام. المدير هو من يعرف مع البنك الدولي، إن كان الثلاثة يقومون بدورهم أم لا»، مستطرداً بالقول: «مفوّض الحكومة ليس أشطر من البنك الدولي». وذكّر بأنهم عُيّنوا قبل تعيينه هو شخصياً في منصبه بعامين. «لست أنا من عيّنهم، بل مجلس الإنماء والإعمار والبنك الدولي اللذان يدفعان أجورهم، التي سواء كانت بالدولار أو بالليرة لا يهمني. ما يهمني بأنهم يقومون بعملهم ويرسلون تقارير بجودة عالية إلى البنك الدولي». وأكد رزق على حاجة المؤسسة لهم. «لدي شغور وظيفي بنسبة 85 في المئة. أنا بحاجة لهم في الوقت الذي لا أدفع رواتبهم من جيبي. المهم أنني راضٍ أنا والبنك الدولي عن عملهم. فهم لديهم كفاءات عالية وخبرات من كندا والولايات المتحدة الأميركية».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا