الكل يعلم أن المسألة ليست سلسلة الرتب والرواتب، ولا الاعتداء على الأملاك العامة، ولا التهرب والخلل الضريبي، ولا سوء الإدارة، ولا الهدر في الجمارك والدوائر العقارية، ولا انهيار التعليم الرسمي، ولا الهجرة المستمرة، ولا الهدر في النظام الصحي، ولا كارثة الضمان أو عدمه، ولا تلوث الهواء والمياه والتربة، ولا تدمير آثارنا وتراثنا، ولا قانون العفو عن جرائم الحرب الأهلية وأخواته، ولا آلاف المفقودين المنسيين، ولا انعدام الكهرباء والطرقات، ولا شعور المسؤول بأنه غير مسؤول، والمواطن بأنه «زلمة» الزعيم، والزعيم بأنه ضحية المواطنين والضغط من الخارج، بل كل هذه المصائب مجتمعة. - دولة تدعم المصارف من أموال الناس، وقطاع مصرفي يريد أن نضيء له الشموع.

- دولة تدعم التعليم الخاص عبر مِنح لموظفين تزيد على 200 مليون دولار سنوياً ليرسلوا أبناءهم إلى المدارس الخاصة، ويشتمل هذا المبلغ على أموال المنح المدرسية لأبناء أساتذة المدارس الرسمية!
- دولة أُفرغ جهازها الإداري، فالأكثرية مياوم، مؤقت أو بالإنابة.
- مؤسسات رسمية مثل مصرف لبنان، كازينو لبنان، مرفأ بيروت، طيران الشرق الأوسط، الضمان الاجتماعي وإنترا، تتجاوز رواتب العاملين فيها حدود المعقول نسبة وتناسباً، ولا تدخل موازناتها في موازنات الدولة!
- موظفو سكة الحديد دون قطار، وموظفو المصافي دون نفط، وموظفو الحرير دون شرانق.
- أموال لضحايا الزلزال منذ عام 1956
- كتّاب وأساتذة جامعات ومفكّرون يشكون ضياع سلّم القيم وانهيار الدولة، ويقفون على أبواب الزعماء والمتمولين في سبيل مركز ما أو موقع ما!
والسلسلة طويلة.
لكن معالجة كل هذه الأمور تتطلب وقتاً، و«الشعب» محشور، وكذلك «نوابه»، إذاً فليكن هذا الحل بقوانين ومقررات سريعة يُؤسس عليها.
أولاً: الموافقة على سلسلة الرتب والرواتب كما هي، وهذا يعني نحو 2 مليار دولار سنوياً، اضافة الى النفقات.

ثانياً: زيادة الضريبة على الودائع، التي هي وفقاً لأرقام 2013 نحو 600 مليون دولار، بحيث ترفع الضريبة على الفوائد للحساب فوق 500 ألف دولار، وذلك وفقاً للشطور إلى معدل 10% (لا 7%). وهكذا سنتمكن من رفع الدخل الضريبي على الفوائد من 600 مليون إلى 1200 مليون دولار.
وإذا كانت المصارف تشكو من استحداث ضريبة على فوائد سندات الخزينة، فلنتذكر أن خفض الفائدة التي تجنيها المصارف من الدين العام نقطة واحدة (من متوسط 6.5% الى 5.5%) يؤمن وفراً على الخزينة يقارب الـ 600 مليون دولار.
ثالثاً: رفع تعرفة الكهرباء وتشديد الجباية:
■ دون 500 كيلوات بـ 100 ل.ل./كيلوات بدلاً من نظام الشطور حالياً فتصبح الكلفة 50 ألف ليرة بدلاً من 35 ألف ليرة (دون احتساب الرسوم الأخرى).
■ فوق 500 كيلوات بـ 300 ل.ل./كيلوات الواحد فتصبح فاتورة المستهلك لألف كيلوات بدلاً من 135 ألف ليرة حالياً نحو 185 ألف ليرة (دون احتساب الرسوم الأخرى). وكذلك تشديد الجباية ووقف الهدر مما سيسهم في خفض عجز الكهرباء بأكثر من 600 مليون دولار سنوياً.
وهكذا يشترك المواطن العادي وصاحب المال في المسؤولية تجاه الدولة.
هيكلة النظام الضريبي ضرورية، الغرامة على التعديات على الأملاك العامة متوجبة، الضريبة على التحسين والربح العقاريين طبيعية، لكن هذه تحتاج إلى وقت ويصعب ضبطها ما لم نوقف الهدر وننظم الادارة في الدوائر العقارية، وفي الجمارك، وبالإمكان البدء بتطبيقها شرط التشدّد في التطبيق.
أهل يعترضون على زيادة رواتب المعلمين، حتى لا تزداد الأقساط دون أن يتساءلوا عن أسباب انهيار التعليم الرسمي.
أساتذة يطالبون بزيادة الرواتب دون أن يروا أن البعض منهم مُقصّر.
«هيئات اقتصادية» لا تريد دفع ضريبة ولا تلتزم قوانين الضمان. تلوم الموظفين حين يضربون وتُضرب.
لنتذكر أن مصارف لبنان حققت أرباحاً صافية (بعد الضريبة) تقارب 8 مليارات دولار في ست سنوات (2007-2012). أما الضريبة، فقد بلغت نحو 1.5 مليار دولار، لكن المصارف لا تريد دفع المزيد من الضريبة، وذلك طبعاً حفاظاً على «المواطن اللبناني».
مصارف تُضرب؟ يجب زيادة الضريبة على أرباحهم وليحرقوا الدواليب إن شاؤوا! وهكذا يصبح المصرفي والمياوم شريكي مصير.
هل لاحظنا أن الخطاب الطائفي غائب، فلا شيعة ولا سنّة، ولا مسيحيون ولا 8 ولا 14، فلقد وحّدتهم الليرة، رأسماليين وموظفين.
هيدا نظام! هيدا مش نظام!