لثلاث ليالٍ متواصلة، بقيت النيران مُشتعلة على كتف الجبل الواقع في بلدة مجدل سلم الجنوبية والمطلّ على بلدة حولا. لأهالي البلدتين «تاريخ» طويل مع ذلك الحريق «الدوري» الذي يندلع كل فترة في المكان الذي «يحتضن» نفايات بلدة مجدل سلم وينفث سمومه عليهم. ويُطلق هؤلاء على الجبل تسمية «محرقة» للدلالة على آلية معالجة النفايات، فيما بات سيناريو «احتراق المحرقة» مألوفاً لهم ولجيرانهم. أما التوصيف الأكثر دقة فليس إلا كون المكان مكباً عشوائياً للنفايات، تُصرّ الجهات المعنية على تسميته مطمراً، «أما إذا كان مطمراً صحياً أم لا فهذا شأن آخر»، على حد تعبير رئيس بلدية مجدل سلم علي ياسين.وفي التفاصيل، استحدثت بلدية مجدل سلم عام 2003، مكبّاً في الجبل لتصريف نفايات البلدة، وكان يتم حرقها كل فترة ليتمكن المكب من احتواء الكميات اليومية التي ترد إليه. وفق ياسين، عمدت البلدية منذ تشرين الأول 2019 إلى تحويل النفايات إلى معمل الفرز في بلدة قبريخا، «وأبقي على العقار لركن العوادم والردميات، وتم تسييجه واتخذت كل الإجراءات التي حالت دون اشتعال الحرائق منذ سنة ونصف سنة». لذلك، يكرر ما ورد في بيان البلدية، أمس، لجهة وجود فاعل لتلك الحرائق، مُطالباً بإجراء تحقيق، ولافتاً إلى نية البلدية التقدّم بدعوى قضائية لدى النيابات المعنية.
ولكن إذا كان العقار مكاناً لتخزين العوادم، فهل ذلك يعني أن النار اندلعت في العوادم والردميات؟ يقرّ ياسين بأن في المكان «جورتين تحتويان على نفايات قديمة، تم حفرهما وأُضرمت النيران فيهما»، ما يطرح تساؤلات بشأن إمكانية اشتعال نفايات مدفونة. المشككون يؤكدون أن البلدية عادت إلى استخدام الموقع كمكب للنفايات، «والحريق الذي اندلع إذا كان مفتعلاً فهو من فعل البلدية»!
يتقاطع هذا الكلام مع ما يقوله رئيس بلدية حولا، البلدة الأكثر تضرراً من الحرائق «الموسمية» للمكب، شكيب قطيش لجهة عدم إرسال بلدية مجدل سلم في الوقت الراهن نفاياتها الخاصة إلى معمل الفرز في قبريخا في ظل أزمة كورونا، مُرجّحاً أن يكون الحريق ناجماً عن إحراق النفايات، لافتاً إلى أن البلدية على تواصل دائم مع اتحاد بلديات جبل عامل وبلدية مجدل سلم للتوصل إلى حل يُجنّب الأهالي سموم الدخان الملوّث، «وخصوصاً أن الوضع لا يحتمل كوارث صحية جديدة».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا