اقتراحات القوانين الخاصة بالتعليم المطروحة على جدول أعمال الجلسة التشريعية، الأربعاء والخميس المقبلَين، تصبّ، في معظمها، في خدمة «كارتيل» المدارس الخاصة. إذ يبدو أنّ الدولة التي لم تسائل هذه المدارس يوماً عن تضخّم أرباحها ستخضع، عملياً، للابتزاز الذي مارسه أصحابها في الأشهر القليلة الماضية، لجهة التهديد بانهيار الهيكل التربوي ومنظومة التعليم وإقفال المدارس إذا لم يدفع الأهالي الأقساط ولم تساهم الدولة في دعمهم.اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى «إلزام الصناديق والمؤسسات بتسديد المنح التعليمية مباشرة إلى المدارس المعنية»، الذي قدّمته النائبة بهية الحريري في حزيران الماضي، قفز فجأة إلى البند رقم 26 من جدول أعمال الهيئة العامة لمجلس النواب، بعدما ساد اعتقاد بين بعض المسؤولين في الصناديق الضامنة وممثلي المعلمين والموظفين المستفيدين من المنح التعليمية بأن الاقتراح قد سُحب من التداول، نظراً لما يشكله من اعتداء على حرية الناس في صرف أموالهم، ولكونه يضع رقاب الأهالي تحت سكين المدارس، وأيضاً بسبب الصعوبات القانونية والإدارية والمالية أمام تطبيقه. إذ أنه لا يمكن أن تعقد نفقة من دون مسوّغ قانوني، ولا يمكن تجزئة هذه النفقة، في ما لو سدّد الأهالي القسط أو قسماً منه أو إذا كان منهم من لديه أبناء في أكثر من مدرسة.

روابط المعلمين والموظفين رفضت إنقاذ التعليم الخاص على حساب التعليم الرسمي(مروان طحطح)

الاقتراح الثاني المدرَج في البند 28 يرمي إلى «فتح اعتماد إضافي بقيمة 300 مليار ليرة لبنانية في موازنة عام 2020 لدعم المدارس الخاصة المتعثرة». وعلمت «الأخبار» أن اللجان النيابية المشتركة لم تُقرّ في جلستها، أمس، مشروع القانون المعجل المكرر المتعلق بتخصيص مبلغ بقيمة 500 مليار ليرة لدعم القطاع التربوي (350 مليار ليرة للتعليم الخاص و150 ملياراً للتعليم الرسمي) لاعتبار أن كل القوانين المحوّلة من الحكومة السابقة كأنها لم تكن، علماً بأن مشروع القانون حُوّل إلى المجلس النيابي قبل استقالة الحكومة. لذا وافقت اللجان على المشروع المقدم سابقاً من النائبة بهية الحريري، ويتضمن تخصيص 300 مليار (200 مليار ليرة للتعليم الخاص و100 مليار ليرة للتعليم الرسمي)، من ضمن اعتماد الـ 1200 مليار التي أُقرّت سابقاً في الهيئة العامة لمواجهة أزمة كورونا. بالنسبة إلى المدارس الخاصة، يُنتظر أن تذهب المساعدة المالية إلى أهالي التلامذة المحتاجين ليدفعوها أقساطاً للمدارس المتعثرة التي تدفعها بدورها رواتب للمعلمين. لكن ما هي المعايير التي سيجري على أساسها اختيار العائلات المحتاجة؟ وكيف يمكن التأكد من أن المدرسة الخاصة متعثرة فعلاً؟ وهل ستطلب الدولة من المدرسة أن تبرز قطع الحساب مثلاً؟
اللجان المشتركة أقرت، أمس، أيضاً اقتراح قانون الدولار الطلابي. لكن المفارقة أن هذا الاقتراح الذي ينهي معاناة آلاف الطلاب اللبنانيين في الخارج من ذوي الدخل المحدود،
تقرر أن يُطرح على الهيئة العامة من خارج جدول أعمال الجلسة التشريعية.
اللجان المشتركة أقرّت اقتراح قانون الدولار الطلابي من دون إدراجه على جدول أعمال الجلسة التشريعية


ممثلو التيار النقابي المستقل وروابط المعلمين والموظفين في القطاع العام فوجئوا بإحياء اقتراح قانون تسديد المنح التعليمية إلى التداول. ورأى فيه القيادي في التيار النقابي المستقل جورج سعادة تشكيكاً في مصداقية الناس في صرف المنح التعليمية، مشيراً إلى أن المنحة لا تمثل أكثر من 40% من قيمة القسط الذي يدفعه الأستاذ أو الموظف للمدرسة الخاصة. واعتبر أنّ إقرار القانون سيكون خطوة أولى على طريق تطبيق المادتين 31 و33 من قانون سلسلة الرتب والرواتب المتعلقتين بإعادة النظر في التقديمات الاجتماعية ونهاية الخدمة، ما يعني الاعتداء على الموظفين وضرب دولة الرعاية الاجتماعية، تنفيذاً لإملاءات صندوق النقد الدولي. كما رفض سعادة دفع مساعدة مالية للمدارس الخاصة التي «جنت أرباحاً هائلة على مدى سنوات طويلة، والأجدى تحويلها إلى التعليم الرسمي الذي يواجه تحديات كثيرة».
بدورها، دعت رئيسة رابطة الموظفين في الإدارة العامة، نوال نصر، إلى وقف اقتراح المنح التعليمية الذي «يفتح باباً للسرقات ويضع الموظفين تحت رحمة المدارس». وقال
رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، نزيه جباوي، إن الرابطة ستضغط باتجاه النواب لعدم إقرار المشروع، لافتاً إلى أن أي «دعم مالي يجب أن يطال بالدرجة الأولى التعليم الرسمي المستنزف منذ عقود والذي يحتاج إلى كثير من التجهيزات». أما رئيس رابطة المعلمين في التعليم الأساسي الرسمي حسين جواد فرأى أن هدف التشريع الجديد هو «إنقاذ التعليم الخاص على حساب المدرسة الرسمية التي يبقى دعمها في إطار كلام المنابر».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا