اختارت شركة «تاتش» أن تكون جزءاً من الحملة الرسمية والأهلية للوقاية من فيروس كورونا. استبدلت كلمة «تاتش» الموجودة على واجهة هواتف مشتركيها بعبارة «ابق في المنزل»، باللغة الإنكليزية. تلك المبادرة سرعان ما فرغت من مضمونها، بتلقي مشتركيها رسائل تفرض عليهم مغادرة منازلهم لدفع الفواتير قبل 23 آذار الجاري في مراكز الدفع المعتمدة. هذا يعني، كما درجت العادة، أنه في حال عدم الدفع، فستتدرّج الإجراءات من منع المكالمات الصادرة بعد أسبوع، إلى إيقاف الخط بعد أسبوعين، على أن يلغى تماماً بعد نحو شهر. بدا حينها أن لا حل أمام المشتركين، في حال لا يستفيدون من خدمة التوطين أو خدمة الدفع الالكتروني، سوى الخروج من منازلهم والمخاطرة بصحتهم لدفع فاتورة الخلوي، تجنباً لانقطاع وسيلة التواصل الأولى.وبالرغم من التطمينات التي كان يرددها عاملو «مركز الاستعلام» للمتصلين الذين يستفسرون عن الأمر، بأن هذه الرسائل تصدرها الأنظمة الآلية ولن يكون لها أية مفاعيل لاحقة، إلا أن القلق لم يبدّد إلا بإعلان وزير الاتصالات، أمس، تمديد مهلة دفع فواتير الهاتف الخلوي والثابت لمدة شهر، وكذلك تمديد صلاحية الخطوط المسبقة الدفع لشهر أيضاً.
مع حل مسألة الخطوط الخلوية، ظل السخط مرتبطاً بعدم زيادة كوتا الانترنت لكل المشتركين في الخلوي والـ«دي أس أل». وتلك خطوة صارت ملحة لمن يدعو الناس إلى ملازمة منازلهم. فقرار الحكومة الذي صدر الأسبوع الماضي حصر زيادة الحزمات والسرعات بمشتركي أوجيرو، واستثنى مشتركي شركات توزيع الإنترنت وشركتي الخلوي (قرّر وزير الاتصالات أمس الاكتفاء بعدم حسم بيانات الإنترنت المستهلكة للولوج إلى المواقع الإلكترونية التي تُستخدم للتعليم عن بعد، بعد تحديدها من قبل وزارة التربية).
وبالفعل، عمدت أوجيرو إلى مضاعفة حجم الحزمات للمشتركين، فيما زيدت السرعة لبعضهم، وخاصة للمشتركين في الحزمات المفتوحة. المشكلة أن القرار لم يشمل المشتركين في شركات القطاع الخاص، انطلاقاً من أن تلك الشركات ليست بحاجة إلى قرار حكومي لتعدّل الحزمات أو السرعات، ويمكنها من تلقاء نفسها دعم مشتركيها. عملياً، شركة واحدة قامت بهذه الخطوة، وحتى قبل القرار الوزاري، هي شركة «Terranet». لكن الشركات الباقية لم تتبعها، بحجة عدم امتلاكها السعات الدولية الكافية لتلبية طلبات المشتركين. في النتيجة، وبصرف النظر عن أهمية تعزيز قدرات أوجيرو في الظروف العادية، فقد أدى القرار الحكومي إلى التمييز بين المشتركين: من يحصل على الإنترنت من أوجيرو (نحو ٦٠ في المئة من المشتركين الموصولين عبر شبكتها) يحصل على كوتا مضاعفة عن ذلك الذي يحصل على الإنترنت من الشركات الخاصة. ولذلك، تقدّمت مجموعة من الشركات بطلب إلى وزير الاتصالات لزيادة سعات الخطوط الرقمية الدولية، وزيادة سعات وسائل الربط بين أوجيرو وبينها، وزيادة في سرعات مشتركي أوجيرو مع الشركات الخاصة.
وإذا كان البعض يشير إلى أن ذلك يشكل ابتزازاً للدولة، طالما يمكن للشركات زيادة الكوتا من خلال السعات التي تملكها، ولا سيما أن معظم الاستهلاك المحلي للإنترنت داخلي (فايبسوك وغوغل ونتفليكس…)، فإن مصادر الشركات تؤكد أن تطبيق مبدأ الزيادة المعمول به في أوجيرو، سيعني حاجة الشركات إلى ما بين 25 و30 في المئة من سعات الإنترنت الإضافية، إذا أرادت المحافظة على مستوى الخدمة نفسه.
من الشركات الموقّعة على الطلب الموجه إلى وزارة الاتصالات شركة IDM. ولأن الوزارة تأخرت في الاستجابة، عمدت، صباح أمس، إلى الاستجابة لمطالب مشتركيها، معلنة عن مضاعفة حزمات الإنترنت بشكل مستقلّ، إلا أن هذه الخطوة ساهمت سريعاً في تراجع سرعة النفاذ إلى الشبكة الدولية، إذ أن زيادة الحزمات جاءت على حساب السرعة، في ظل عدم زيادتها لسعاتها الدولية.
قرار زيادة حزمات الإنترنت لمشتركي الشركات الخاصة ينتظر مجلس الوزراء


تلك الشركات، كانت افترضت أن القرار السابق لمجلس الوزراء يشملها، انطلاقاً من كون 75 في المئة من زبائن القطاع الخاص موصولين عبر شبكة أوجيرو، لكن في الوزارة كان الأمر مختلفاً. قراءة وزارة الاتصالات للقرار مغايرة، لكن مع ذلك تتفهم مصادرها الحاجة إلى تقديم حوافز للشركات تسمح لها بزيادة كوتا مشتركيها، إلا أنها لا تتفق مع فكرة أن القرار الوزاري السابق يشملها، معتبرة أن الأمر بحاجة إلى قرار جديد من مجلس الوزراء.
ذلك لم يكن موقف وزير الاتصالات. بحسب المعلومات، فقد أصرّ في مجلس الوزراء، أول من أمس، على أن لا يشمل قرار زيادة السرعات وحزمات الإنترنت الشركات الخاصة، بالرغم من مطالبة عدد من الوزراء بأن تكون الزيادة شاملة، خاصة أن الحجر المنزلي لا يميز بين مشترك وآخر.
في النتيجة، وبعد مراجعات عديدة شملت الوزارة وأوجيرو والشركات، وبعد دراسة الموضوع من كل جوانبه، عاد وزير الاتصالات واقتنع بضرورة شمول الدعم لمشتركي الشركات الخاصة. وعليه، تقرّرت العودة إلى مجلس الوزراء باقتراح لزيادة السعات الدولية الخاصة بالشركات. علماً أن أوجيرو، بالتنسيق مع مديرية الاستثمار والصيانة في الوزارة، كانت أعدت آلية فنية لتطبيق القرار على الشركات، تتضمن زيادة السعات الدولية لكل شركة بحسب عدد مشتركيها وحصتها الحالية من السعات. وقد تم الاتفاق في النهاية على أن لا تكون الزيادة مجانية تماماً، إذ يشير الاقتراح إلى دفع الشركات 30 في المئة من سعر السعات الدولية، مقابل فتح الوصلات المحلية (بين أوجيرو ومقدمي خدمات الإنترنت) مجاناً.