بعد ثلاثة أسابيع على بداية التعطيل القسري، حدّد وزير التربية طارق المجذوب ثلاثة مسارات لمتابعة التعليم في زمن «كورونا»: البث التلفزيوني، أو المنصات الإلكترونية، أو الوسائل التقليدية. وأعلن أن الأسبوع الجاري سيشهد بدء تصوير الحصص التعليمية لصفوف البريفيه والثانوية العامة، لبثّها عبر تلفزيون لبنان والتلفزيونات الخاصة بهدف إيصال المحتوى التعليمي إلى أكبر عدد ممكن من المتعلمين، وخصوصاً من لا يتوافر لديهم الإنترنت. وطلب من الأساتذة الراغبين في التطوع لإعداد الحصص التعليمية تقديم طلباتهم إلكترونياً، ويكون العمل بمواكبة تربوية من المركز التربوي للبحوث والإنماء وجهاز الإرشاد والتوجيه.وبالنسبة إلى المنصات الإلكترونية، قدمت شركة «مايكروسوفت» تطبيقها Microsoft teams مجاناً للمعلمين والمعلمات وسترسل وحدة المعلوماتية في الوزارة تباعاً الى المدارس الرسمية (ولمن يرغب من المدارس الخاصة) حسابات مجانية لاستعمال هذا التطبيق. أما المسار الثالث فيقضي بإيصال نسخة من المحتوى التعليمي، ورقياً، عبر مديري المدارس الى التلامذة وتعاد إلى المعلمين لوضع ملاحظاتهم عليها.
لا تتجاوز خطة وزارة التربية هذه كسب الوقت والهروب إلى الأمام، وخصوصاً أنّه ليس معروفاً ما إذا كان البث التلفزيوني سيشمل حصصاً تعليمية لغير صفوف الشهادات، بسبب عدم تحديد جدول زمني لبدء العمل في الصفوف الأخرى، وما هي عدد ساعات البث التي سيخصصها تلفزيون لبنان والتلفزيونات الخاصة يومياً لهذه الحصص. مصادر الوزارة تقول إن البث سيشمل كل المراحل التعليمية، مع إعطاء الأولوية لصفوف الشهادات. فيما أظهرت الأسابيع الماضية تخبطاً لدى المدارس في استخدام المنصات الإلكترونية، نظراً إلى عدم توافر البنية التحتية من أجهزة كومبيوتر وبرمجيات لدى جزء لا بأس به من التلامذة والمعلمين، وصعوبة التواصل مع الأهل على هذا الصعيد ولا سيما في صفوف المرحلة الابتدائية، وكلفة الإنترنت وسرعته، والتفاوت في القدرات بين المعلمين لجهة تحويل الدروس إلى محتوى رقمي. والخيار الثالث يتطلب حضور الأهل إلى المدارس لتسلّم أوراق العمل والفروض، فيما المديرون لا يداومون إلا يوم الخميس، أو تسلّمها عبر «واتساب» و«فايسبوك»، وهو ما شكوا منه في الفترة السابقة لجهة عدم إمكانية طباعتها لإنجازها ومن ثم إعادتها إلى المعلمين.
تطمينات الوزارة بشأن الامتحانات الرسمية لا تقنع المعلّمين


«الخطة» الجديدة لا تبدد ثلاثة أسئلة مشروعة باتت تقضّ مضاجع العام الدراسي، وخصوصاً مع إنجاز أقل من 40 بالمئة من المناهج الدراسية: ما هي جدية التعلم عن بعد؟ ما هو مصير الامتحانات الرسمية وما هو مصير السنة الدراسية؟
الأجواء التي تشيعها وزارة التربية لجهة أن الامتحانات قائمة حتماً لا تطمئن المعلمين، «في ظل الضغط النفسي على الطلاب والأجواء المشحونة بالخوف من كورونا، وماذا يفعل الطالب الذي أصيب والده أو أحد أقربائه بالوباء وهو في الحجر المنزلي يعيش الخوف والترقب» بحسب أحدهم.
أما انخراط المعلمين المتعاقدين في «التعلم عن بعد» فحكاية أخرى. فإضافة إلى أنهم خسروا في الأسابيع الماضية كل ساعاتهم، تشترط الوزارة لاحتساب ساعاتهم في المرحلة المقبلة، أن ينجزوا المواد ويرسلوها إلى الطلاب ويصححوها، وهذا سيكون متعذّراً بالحد الأدنى لمعلمي الروضات والمواد الإجرائية (الرياضة، الفنون). وينتظر أن يصدر المجذوب اليوم قرارا يعلن فيه احتساب ساعات التدريس عن بعد للمستعان بهم والمتعاقدين ساعات تدريس فعلية، وذلك بعد أخذ موافقة مجلس الوزراء.



رابطة «اللبنانية»: هذا ليس بديلاً
عشية انطلاق التعليم عن بعد في كليات الجامعة اللبنانية، بدءاً من الأسبوع المقبل، لحظ وزير التربية طارق المجذوب الجامعة في خطة الوزارة، وقال إن رئيس الجامعة سيكلف من يراه مناسباً للقيام بهذه المهمة. فيما رأت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين أنّ إدخال التعليم عن بعد ضرورة في بعض الجوانب الأكاديمية، لكن يجب تهيئة الظروف والفرص المتساوية للسير به، وهو ما ليس متوافراً «فلا قوانين في لبنان والجامعة تنظم العملية، ولا يتَوفّر لجميع الطلاب التيار الكهربائي واشتراك المولد والإنترنت السريع»، داعية إلى أن تكون العملية اختيارية لمن تتوفر له الظروف، وليست إجبارية، على أن يجري تمديد العام الدراسي ويعاد إلقاء جميع المحاضرات حالما يستقر الوضع.