ما بين أول إصابة بفيروس «كورونا»، قبل نحو شهر، واليوم، زاد منسوب الخوف مما هو آتٍ، بفعل الزيادة اليومية في أعداد المصابين. كل يومٍ، ثمة إصابات جديدة يسجّلها عدّاد «كورونا» الذي تخطى أمس عتبة المئة. وهو ما يضع، اليوم، جملة من التحديات، أساسها الخوف من الوصول إلى ما هو أسوأ، ليس فقط على صعيد الزيادة المتوقّعة، وإنما أيضاً على صعيد المستلزمات الطبية، وفي مقدمها أجهزة التنفس. أخيراً، دقّت نقابة مستوردي المستلزمات والأجهزة الطبية جرس الإنذار، متخوّفة من نقص حاد في هذه المستلزمات، ومنها الأجهزة التي حذّرت من أن الموجود منها في لبنان هو 500 فقط، ليست كلها «على ما يرام». وترافق هذا التحذير مع دعوة منظمة الصحة العامة الدول «المصابة» إلى الحفاظ على وجود مخزون كافٍ لديها من الأجهزة المساعدة على التنفس.لذلك، خرجت إلى العلن مبادرات تدعو للمشاركة في «تصنيع أجهزة تنفّس محلية» لمواجهة خطر قد يحلّ في أية لحظة، في إطار مساندة المستشفيات التي قد تعاني من نقص في هذه الأجهزة. ميزة تلك المبادرات أنها تسعى لتصميم أجهزة تنفّس اصطناعي «يمكن أن تصنّع محلياً من مواد موجودة في السوق اللبناني»، وهي حال المبادرة التي يقوم بها عدد من خرّيجي كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية وتلك التي تقوم بها كلية الهندسة نفسها ونقابة المهندسين. أهمية تلك المبادرات أنها تأتي في ظلّ أزمة الـ«كورونا»، وأكثر الظروف الاقتصادية مأساوية، حيث تواجه المستشفيات صعوبة في صيانة عدد من الأجهزة الموجودة.
اليوم، يفنّد بعض المطلعين على ملف أجهزة التنفس الاصطناعي في وزارة الصحة العامة واقع الأجهزة الموجودة، فيشير إلى أن العدد الإجمالي للأجهزة هو بحدود 850 جهازاً «10% منها تحتاج إلى الصيانة كي تعمل». وعلى هذا الأساس، يقول هؤلاء إن ما هو «صالح للاستعمال حالياً 750 جهازاً تقريباً، يستخدم منها اليوم 500»، فيما العدد المتبقي «تحجزه» الوزارة للمصابين المتوقّعين من الكورونا. حتى هذه اللحظات «لا هلع»، يقول المصدر في الوزارة، على الأقل «حتى شهر من الآن». ويسند توقعه إلى الحالات التي يمكن أن تسجّل «إذ أنه من أصل 100 حالة، هناك بين 3 إلى 4 حالات تحتاج إلى التدخل بواسطة أجهزة تنفس اصطناعي»، والوضع إلى الآن «لا يزال تحت السيطرة». وهو ما تقوله أيضاً ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان، الدكتورة إيمان الشنقيطي. مع ذلك، تشدد على ضرورة الحفاظ على مخزون من هذه المستلزمات، مشيرة إلى سعي المنظمة لمساعدة الدولة اللبنانية من خلال إمدادها ببعض أجهزة التنفس، لافتة إلى أنها طلبت 10 أجهزة، «والأكيد أن الدولة اللبنانية تطلب أكثر». وتوضح مصادر الوزارة أنه «جرى تحويل 3 طلبات إلى عدد من الدول للحصول على أجهزة».
ولئن كانت الحالة الراهنة لا تستدعي دبّ الذعر، لكن «لا نستطيع إلا الترحيب بتلك المبادرات الشجاعة». وهي مبادرات تنطلق من باب المساعدة «لمواجهة الزيادة في الأعداد»، وطالما أن المؤشرات «لا توحي أنها ستخفّ خلال هذه الفترة، فإن المستشفيات ستصل إلى مرحلة تحتاج فيها إلى مثل هذا التدخل»، بحسب عميد كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية الدكتور رفيق يونس. ويوضح «أننا وضعنا تقديراً أن عدد الحالات التي تحتاج إلى تدخل تتراوح بين 5%1و10%، وإذا اعتمدنا الحد الأقصى فهذا يعني الحاجة إلى ألف قطعة». لذلك، فإن ما هو موجود حالياً، وإن كان لا يزال كافياً، لكنه قد لا يصبح كذلك لاحقاً مع فرضية الانتشار. من هنا، كانت المبادرات «التي تعمل كل منها على إنتاج تصميم خاص بها، وكل فريق يحاول السير إلى الأمام، فالأسرع سينهي أولاً وسيتبعه الآخر ضمن حلقة متكاملة». ويشير يونس إلى «أننا قمنا بجولة على المستشفيات للاطلاع على ما هو موجود، ووضعنا كشفاً بما يمكن تصنيعه في لبنان». ومن المفترض أن يجري الفريق اجتماعاً اليوم «مع نقابة المهندسين لمناقشة الموضوع». وفي الإطار نفسه، أشار الدكتور محمد خليل، العضو في الجمعية الدولية لتقنيات الهندسة الطبية، إلى أن «اجتماع اليوم الذي يبحث في موضوع التصنيع المحلي لأجهزة التنفس سيناقش أيضاً بعض المشاكل ومنها مشكلة آلة الضغط التي تعيّر كمية الأوكسيجين الآتية من العبوة إلى المريض». أما بالنسبة إلى المعدات، فيؤكد يونس أنها موجودة، و«لسنا بحاجة إلى استيرادها من الخارج». وحتى بالنسبة إلى ما هو موجود، «هناك أكثر من خيار في ما يخص تلك المعدات، وهي في جلّها متوفرة محلياً».