لا يحتاج تقييم حال الطرقات في لبنان، لناحية السلامة العامة، إلى دراسات. من السهل - نظرياً - تقييم تلك الحال التي تتدحرج يوماً بعد يوم نحو الأسوأ. أما، وقد أُعدّت دراسة جدّية في هذا الإطار، فقد بات من السهل توزيع هذا «السوء»… بطريقة عادلة.«مشروع الطرقات والعمالة» الذي نفّذه مجلس الإنماء والإعمار، بتمويل من البنك الدولي، للكشف على حال الطرق بغية تأهيلها، استغرق عامين، والنتيجة: «نصف الطرقات المصنّفة مضروب ولا يستوفي شروط السلامة العامة والمرورية»، بحسب المهندس إيلي حلو.
هذه واحدة من خلاصات المشروع الذي كشف على 6600 كيلومتر من شبكة الطرق المصنفة (أي التابعة لوزارة الأشغال العامة والنقل) بالاستعانة بمهندسين متخصصين من جامعة زغرب، واعتماد تقنية «آيراب» التي تقيّم حال الطرق بواسطة سيارات مجهزة بكاميرات ونظام «جي بي إس»، تنتهي بوضع «سكور» من درجة «ممتاز إلى سيئ». وقد تبيّن من خلال هذه الجردة أن أكثر من 3000 كيلومتر في وضعٍ سيئ، إن لناحية الإنشاء والصيانة أو لناحية مقوّمات السلامة العامة. أما النصف المتبقي فليس أفضل حالاً، إذ لم تتخطّ «علامته» درجة مقبول. وأسباب ذلك تبدأ من التصميم والبنية الإنشائية وصولاً إلى الصيانة التي تقتصر على «الحالات الطارئة جداً والآنية»، بحسب مدير الصيانة في وزارة الأشغال، أديب دحروج.
المشروع استهدف 6600 كيلومتر من أصل 20 ألف كيلومتر (مجموع الطرق من أوتوسترادات وطرقات رئيسية وفرعية وزراعية تابعة للبلديات)، إلّا أنها عيّنة عن سوء الطرقات بسبب النقص الذي تعانيه لجهة مراعاة السلامة المرورية (تزييح الطرق ووضع المونسات والحمايات على جوانبها)، وهي تزداد سوءاً لغياب الصيانة. فرغم أن الصيانة تشكّل 70% من موازنة وزارة الأشغال، إلا أنه «لا صيانة استباقية» في أغلب الأحيان، إذ أن «عقود الصيانة يجب أن تجدّد بشكل سنوي، وهو ما لا يجري بسبب عدم وجود اعتمادات، لذلك يقتصر العمل على ما هو طارئ»، بحسب دحروج، ناهيك عن أن الوزارة «لا تقوم بدورها كما هو مطلوب، بسبب ضغوط البلديات وما يلحقها من طلبات سياسيين ونواب ووزراء ومن يمونون...».