عندما اختار أستاذ اللغة العربية في قسم علم النفس في الجامعة اللبنانية، فريد عثمان، نصاً عن «المرأة المدنية»، بقلم الأديب جبران خليل جبران، لم يكن يتوقع أن يستنفر مواقع التواصل الاجتماعي والحركة النسوية إلى هذا الحد. لم ينتظر الأستاذ الجامعي أن ينتشر نص «مجتزأ» من المسابقة يستفز الكثيرين وغير منسوب لأحد، وجاء فيه: «إنّ المدنية الحاضرة وسّعت مدارك المرأة قليلاً، لكنها أكثرت أوجاعها بتعميم مطامع الرجل. كانت المرأة بالأمس خادمة سعيدة، فصارت اليوم سيدة تعسة. كانت بالأمس امرأة عمياء (تسير) في نور النهار، فأصبحت مبصرة (تمشي) في الليل الحالكة ظلمته. كانت جميلة بجهلها، فاضلة ببساطتها، فصارت قبيحة بتفننها، بعيدة عن القلب بمعارفها. فهل يجيء يوم يجتمع في المرأة الجمال بالمعرفة؟».الأمر الوحيد الذي خطر في بال عثمان، لدى وضعه مسابقته، أن النص «يخدم الأسئلة التي سأطرحها». وهو لم يعلم بالضجة الحاصلة إلا بعد اتصال أجرته معه مديرة الفرع الأول لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بادية مزبودي، تسأله فيه عن خلفيات الأمر، فأوضح لها أنّ الأسئلة هي في القواعد والنحو، ولا علاقة لها بفهم النص ولا بالأفكار الواردة فيه، والأمر ببساطة أنّه وجد الموضوع ملائماً لتطبيق بعض أهداف المادة لا أكثر ولا أقل. وأوضح عثمان أنّه استقى نص المسابقة من «كتاب مدرسي تعتمده أكثر من مدرسة ويمكن أن يكون قد مرّ على مئات التلامذة، إضافة إلى أنّه صادر عن دار نشر معروفة وأثق بها». وللنص، كما قال، تتمة لم يجر تداولها، والأهم أنّه مذيّل باسم الكاتب ــــ بتصرف.
الأمر الوحيد الذي خطر في بال عثمان لدى وضعه مسابقته أن النص يخدم الأسئلة التي سيطرحها


مزبودي لفتت في اتصال مع «الأخبار» إلى أن الأسئلة، بحسب النظام الداخلي، سرية وتشبه الامتحانات الرسمية، وأستاذ المادة هو الوحيد المخوّل معرفتها، وهي بالتالي لا تخضع لرقابة رئاسة القسم أو إدارة الفرع، ما يعني «أننا لم نطّلع عليها من قبل». واستدركت أنّها ليست المرة الأولى التي يرد فيها نص إشكالي، فهناك نصوص ضد الذات الإلهية ولم تحدث هذه الضجة، والنصوص التي يختارها الأساتذة هي دائماً قابلة للنقاش والأخذ والرد، «وهنا الأستاذ لم يخطئ، بدليل أنّه ذكر المرجع الذي لم ينتبه إليه الناشطون، وليس هو من كتب النص، كما أنّه لم يطرح أي سؤال عن معاني هذا النص».