شاتيلا بين لجوءين

يبعد مخيم شاتيلا 4 كيلومترات فقط عن وسط المدينة. هكذا، يقيّم البعد جغرافياً. أما على أرض الواقع، فالبعد عن بيروت العاصمة يُقاس بحجم المعاناة والبؤس والفقر الذي يعيشه أبناء اللجوء، هناك. عندما حلّ الفلسطينيون لاجئين عند طرف مدينة بيروت الجنوبي، لم يحملوا معهم الاسم. رتّبوا حياتهم في الكيلومتر المربع الذي قيل بأنه هبةٌ من رجلٍ من آل شاتيلا، و«تكنّى» لجوؤهم باسمه، منذ عام 1949. في بداياته، لم يكن يضمّ مخيم شاتيلا سوى الفلسطينيين الآتين من بلادهم المحتلّة. بقوا وحيدين سنواتٍ طويلة، قبل أن يأتيهم لاجئون آخرون يشبهونهم في الفقر والبؤس. اليوم، صار شاتيلا أشبه بـ«تجميعة». تنوّعت الجنسيات الآتية إليه، لكن القاسم المشترك بين هؤلاء لم يتغيّر: الفقر. مع الحرب الدائرة في سوريا، بنى فلسطينيون ـ سوريون وسوريون حياتهم هم الآخرون في شاتيلا. اليوم، باتوا كثراً. صاروا الصورة الأجدّ عن اللجوء. وقد رصدت منظمة أطباء بلا حدود جزءاً من تلك الصورة. لاحظت الأخيرة ـ التي بدأت خدماتها الطبية المجانية في المخيم منذ أيلول من عام 2013 ـ أن عدداً مهمّاً من المرضى الذين يزورون مرافق المنظمة هم من اللاجئين السوريين، وخصوصاً من النساء اللواتي يسعين للحصول على خدمات الصحة النفسيّة. من خلال المتابعة، تبين أن غالبية النساء يعانين من آثار التحوّلات في ديناميكيات العائلة والعلاقات التي تسبّب بها النزوح الطويل الأمد، أكثر ممّا يعانين من الصدمات المباشرة جرّاء ما شهدوه خلال الحرب.
في زيارة لها إلى مخيم شاتيلا في بيروت، قابلت رسامة الكاريكاتير إيلا بارون، خلال مهمتها الصحافية مع صحيفة «غارديان» البريطانية، بعضاً من هؤلاء النساء وجمعت شهاداتهن. وسمعت من أخصائيي الصحّة النفسيّة في المنظّمة مجموعة من قصصهنّ التي كانت بمثابة الشاهد على التحدّيات النفسيّة والعاطفيّة التي تواجهها النساء في مجتمعاتهن. وكان نتاج هذه الزيارة سلسلة رسومات لبارون، مع مجموعة من شهادات المرضى ـ بأسماء مستعارة ـ والأخصّائيين النفسيين في المنظمة. وقد اختارت الأخيرة «الأخبار»، كصحيفة عربية، لنشر تلك الحكايات.

كم من طير يُطعمه هؤلاء وهم جائعون؟

كم من طير يُطعمه هؤلاء وهم جائعون؟

الأخصّائيّة النفسيّة: قد يكون العمل هنا صعباً. عندما أحتاج إلى استراحة، أصعد إلى سطح عيادتنا. أتأمّل كم من طير يطعمه الناس! أمر غريب عندما لا يملكون هم أنفسهم سوى القليل. لكن، ربّما يجدون في ذلك...

الصدمة كخزانة ملابس مبعثرة

الصدمة كخزانة ملابس مبعثرة

الأخصّائيّة النفسيّة: أحياناً أقول إن التعامل مع الصدمة هو كمن يفتح خزانة تكدّست فيها الملابس، عندما تفتح بابها، يفيض محتواها المبعثر على وجهك. حينها يجب أن تأخذ الوقت لترتيب الفوضى، لتتمكّن بعد ذلك...

أنا وحيدة بلا حول ولا قوة

أنا وحيدة بلا حول ولا قوة

روى: تعرّضت ابنتي البالغة من العمر ستّ سنوات للخطف في طريق العودة من روضة الأطفال إلى المنزل في المخيم. زوجي في السجن بسبب ديون لم يسدّدها، ويجدر بي تربية الأطفال بمفردي. لا أملك الوقت لاصطحابهم من...

سوريا أجمل الذكريات

سوريا أجمل الذكريات

رنيم: ذكرى جميلة عن سوريا؟ ليلة أنهيت امتحانات الجامعة. ذهبنا جميعنا إلى الحديقة العامة لنقيم حفل شواء ونستمتع بوقتنا. الأخصّائيّة النفسيّة: تمنحنا الذكريات الجميلة القوّة في الأوقات الصعبة. خصصي...

اغتُصبت لخمسة أشهر من أجل أن نأكل

اغتُصبت لخمسة أشهر من أجل أن نأكل

هدى: نحن 11 فرداً في عائلتي، ولذلك بدأت العمل في سن الثالثة عشرة. عملت في مستودع خارج شاتيلا حيث كنت أفرز الملابس. وكان صاحب العمل رجلاً يبلغ من العمر 45 عاماً. في إحدى الليالي، عندما كنت أعمل...

رأيتهم يموتون ولم أستطِع فعل شيء

رأيتهم يموتون ولم أستطِع فعل شيء

شذى: عندما سقطت القذيفة على منزلنا، علقت ساقاي، فتسمّرت في مكاني. شاهدت عائلتي تموت أمام عينَي. والدتي وأختي وطفلَي. ماتوا جميعهم أمامي، ولم أستطع القيام بأي شيء لإنقاذهم. منذ وصولنا إلى لبنان، ألازم...

اجعليني سيدة أنيقة في رسوماتك

اجعليني سيدة أنيقة في رسوماتك

ميرا (في حديثها إلى إيلا): إن كنتِ سترسمينني، أريد أن أبدو كسيدة أنيقة. لا ترسميني وأنا أرتدي هذا السروال الفضفاض.القابلة القانونيّة: هل هو صبي أم فتاة؟ هذا هو أوّل سؤال نسمعه عندما نجري التصوير...

«اللواتي لا يكترث أحدٌ لدموعهن هنّ الأكثر تعطّشاً للرعاية»

قبل عامين، بدأتُ العمل كأخصائية نفسية في عيادة منظمة أطباء بلا حدود في مخيم شاتيلا في بيروت. كنت قد توقعت أن عملي مع اللاجئين السوريين سيرتكز على التعامل مع حالات الصدمات النفسية، جرّاء ما شهدوه في...

ميريام سليخانيان